رمضان جريدي العنزي
جبر الخواطر المنكسرة، وتضميد جراح القلوب المنهكة، والأرواح المضطربة، هي صفات لا يتحلى بها سوى أصحاب القلوب النقية، والفطرة السليمة، والأخلاق النبيلة، والهمم العالية، والإنسانية السامية، الجابرون لخواطر الناس مميزون، قلوبهم بيضاء، وأرواحهم نقية، ومعادنهم ثمينة، وعندهم الإحسان راقٍ، يرفعون همم الناس، ويهونون عليهم مصائبهم، ويأخذون بأيديهم من ممرات الضيق إلى فجوج الوسع، بالمساعدة أو النصحية أو الابتسامة أو الصدقة أو المعاملة والعطاء، كان النبي صلي الله عليه وسلم يجبر بخواطر الناس، فقد كانت هناك امرأة عجوز كانت تريد أن تصلي خلف النبي ولا تستطيع الذهاب إلى المسجد، فذهب إليها النبي مع خادمة وصلي بها في بيتها، أن جبر الخواطر عمل أخلاقي سامٍ، والذين يجبرون الخواطر أصحاب نفوس راقية وطيبة وأنيقة وترى وجوههم ضاحكة مستبشرة مسفرة، لهذا أجبروا خواطر الناس، واجعلوا من تعاملاتكم اليومية نوراً يتسلل إلى قلوبكم، فيضيئوها ويدفئوها، فكم من صاحب مشكلة، وكم من فقير، وكم من محتاج، وكم من مريض، وكم من محروم، وكم من حزين، وكم من معسر، وكم من يمر بضائقة، وكم من يتيم، وكم من أرملة، وكم من مرتجف وسط زوابع الحياة، وكم منكسر منها، كل هؤلاء يحتاجون من يمنحهم بريق أمل، وكلمات دافئة، وابتسامة عطف ومودة وحنان، ووقفة إنسانية مغايرة، وعطاء وبر وإحسان، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)، أن جبر الخواطر أمره عظيم وجليل وثوابه عند الله كبير، قال صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِناً عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِناً عَلَى ظَمَأ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِناً عَلَى عُرْيٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ)، إن جبر الخواطر لا يحتاج إلى كثير جهد، ولا كثير مال، فربما تكفي كلمة، أو ابتسامة، أو دعاء، أو معاملحسنة، إن جبر الخواطر ينتج مجتمعاً صحياً محباً ومتعاوناً ومتراحماَ ومتعاطفاً، فعلينا جميعاً أن نهتم بهذه العبادة، وهذا الخلق الإنساني العظيم، وهذا السلوك الطيب، وأن نسير بين الناس نسعى بينهم، ونجبر خواطرهم ونواسيهم بالقدر الذي نستطيع، قال تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ).