د. عبدالرحمن الشلاش
يرى البعض أن مصطلح تنمر جديد وهو مشتق من كلمة نمر بفتح النون والميم والراء ويعني غضب وساءت أخلاقه وتحول إلى وحش يشبه النمر الغاضب. ربما الجدة في المصطلح أما الفعل فهو قديم قدم البشرية لأنه بالتحديد من أشكال الإيذاء والمضايقة المتعمدة سواء كان الإيذاء لفظيًا أو جسديًا أو نفسيًا أو اجتماعيًا باستغلال ضعف المتنمر عليه وعدم قدرته على دفع الإيذاء الموقع عليه.
يشمل التنمر الضرب أو أي نوع من أنواع الدفع والعرقلة أو التسبب في حروق أو تشويه جسدي, وقد يكون بالاستفزاز بالشتم والسب والتحقير والإذلال, أو التعليقات الساخرة, أو نشر الشائعات عن شخص ما أو التحريض عليه, ويدخل ضمن التنمر الذي بدأ بالانتشار العنصرية وكذلك التشهير أو التهديد المستمر.
لعل من أسباب التنمر الحسد والغيرة والشعور بالفوقية على الآخرين، وهناك قصص كثيرة تؤكد مثل هذا السلوك غير السوي والمرفوض تمامًا، فالطفلة أشلين كونر البالغة من العمر عشر سنوات تعرضت للتخويف بسبب سمنتها المفرطة وهذا التنمر الشرس أفضى بأشلين للانتحار.
التنمر له آثار سيئة جدًا على المدى القصير والطويل ولعل في قصة أشلين دليل قوي على خطورة التنمر الذي قد يؤدي لا قدر الله للانتحار للتخلص من عذابات المتنمرين. لدينا في المجتمع كثير من الحوادث التي تترك آثارًا نفسية عميقة لدى المتنمر عليه.
وصف شخص بأنه دميم الخلقة والتركيز على ذلك وترديد هذا الوصف في مواقف كثيرة يؤدي لفقدان الثقة لدى الشخص والانهيار النفسي ويؤدي بالشخص للانطواء والعزلة عن الناس والهروب المستمر من المواجهة بينما المتنمرون لا يأبهون بالضحية وربما زادوا إسرافًا وأمعنوا في الإيذاء دون أن يردعهم وازع أو تضبطهم قيم ومبادئ سامية وأخلاق والمسكين يذوب كالشمعة دون أن يحس به أحد حتى أقرب الناس ربما ينصحه ألا يكترث بما يثار حوله، أو لا يكون حساسًا زيادة عن اللازم، وبطبيعة الحال كل هذه النصائح لا تأتي بأي حل فهي مسكنات تفقد تأثيرها مع الوقت ولم يكن الحل إلا إيقاف المتنمر عند حده.
بعض الضعاف أو المتسلقين أو من يتخذون غيرهم سلالم للصعود يتنمرون على من ساعدهم وعاونهم ليصلوا إلى ما وصلوا إليه فيلجئون للجحود وإنكار من وقف بجانبهم بل ويقللون منه وهذا السلوك من أسوأ أنواع التنمر على خلق الله لأنه يجمع بين غياب الضمير وقلة الوفاء والنرجسية الطاغية على حساب نوعيات جميلة من البشر قدر لها أن تبتلى بمن يقابل كل تضحياتها بالجحود والنكران.