لا غرابة عندما يدير المشاهد السعودي أو العربي بشكل عام ظهره عن جهاز التلفاز أو يتجاهل ما تقدمه بعض القنوات الفضائية الخليجية في شهر رمضان المبارك من مسلسلات بشقيها الدرامي والتراجيدي التي أصبح يطغى عليها طابع التهريج من أجل تسول ضحكة المشاهد الذي تحول ناقداً فذاً لتلك الأعمال بسبب تدني ما تقدمه من أعمال ولو لم يكن ناقداً في الأساس ولكن ما يعرض من أعمال هو بلاشك محل لسخرية تكرر أسماء كتاب معينين وكذلك ممثلين لعدة سنوات على قنوات التلفزة أصبح رحيلهم مهماً جداً للحفاظ على تاريخهم الفني عندما يتقدمون في العمر فإن الأفكار تشيخ وتترهل ويصبحوا عاجزين عن تقديم ما يلفت نظر المشاهد، ما شاهدته أنا وغيري في شهر رمضان المبارك هذا العام من مسلسلات وأعمال لا تتجاوز أحداث ونوازل مضت يعرفها الجميع وليس المشاهد بحاجة لتكرارها أو الاستعارة بأفـــكار «مراهقات» في بعض الحلقات، من المعيب أن يقدمها ممثلون أمضوا ثلاثة عقود أو أكثر في التمثيل وما الجديد وما الفائدة منها إذا كانت عالقة في ذهن المشاهد، السؤال الذي يطرح نفسه.
هل نحن هنا أمام أزمة كتابة النص؟
الفن في كافة صوره وأشكاله رسالة سامية تعبر عن ثقافة ولغة الشعوب ورقيها لا يقتصر على التهريج والحركات أو السخرية بعادات قبائل أو مناطق أو لهجات شعوب عربية.
كنا في السابق ننتظر شهر رمضان المبارك وننتظر بفارغ الصبر ما يعرض به من أعمال تلفزيونية تشد المشاهد وتتحول لحديث المجالس ويحفظ ما يقدم بها من أدوار وأعمال تمثيلية، وكان المشاهد من ضمن فريق العمل الذين يقدمون تلك الأعمال ولكن هذا الشغف والحب والمتابعة للمسلسلات وانتظارها والتسمر أمام التلفزيون لعدة ساعات تحول إلى هجر وابتعاد وعدم الرغبة في المتابعة عندما تعود الذاكرة إلى الوراء قبل تخمة القنوات الفضائية بهذا الشكل.
لسنوات مضت ليست بالقريبة عندما كان «الراديو» سيد الموقف يتذكر الجميع برنامج «أم حديجان» الذي كان يعرض طيلة الشهر المبارك لابن عنيزة المعروف والمحبوب الذي كان يحظى بمتابعة كبير وشهرة واسعة ودخل صوته منزل كل مواطن سعودي، والذي قدم من خلال برنامجه في تلك الحقبة أدوارًا مختلفة بشخصية واحدة حظيت بحب المستمعين لها من كافة الفئات العمرية، وطيلة تلك الفترة لم يسيء إلى أحد ولَم يسخر من أي عادات أو تقاليد على خلاف ما نشاهده في الفترة الحالية من تهريج واستخفاف لا يستساغ وحركات لا تطاق، وإذا استمرت الأعمال والمسلسلات بهذا الشكل فإن تلك المسلسلات في مرحلة الاحتضار وكتبت على نفسها النهاية مع أن لدينا في الزمن الحاضر شباب وشابات مبدعين في كتابة النص والتمثيل وتقديم أعمال تواكب مرحلة الشباب متى ما أتيحت لهم الفرصة وأخذ بأيديهم.