حاوره - علي بلال:
المركز الوطني للتقويم والتميز المدرسي أحد مراكز هيئة تقويم التعليم والتدريب المتخصصة الذي تسعى من خلاله لدعم التميز في قطاع التعليم العام لتحقيق نهضة تعليمية يمكنها الإسهام في دعم التنمية والاقتصاد الوطني، وهو نواة لإيجاد صناعة وطنية للتقويم والقياس والاعتماد، ترتقي بمنظومة التعليم والتعلم؛ لذا كان لقاء «الجزيرة» مع الدكتور محمد بن هندي الغامدي المدير التنفيذي للمركز الوطني للتقويم والتميز المدرسي «تميز».
* في البداية ماذا يعني لكم مصطلح التميز المدرسي؟
- في الواقع التميز المدرسي هو الغاية الأسمى للمركز من خلال مهامه الثلاث الرئيسة: تقويم المدارس الحكومية، واعتماد المدارس الأهلية والعالمية، وتقويم المناهج التعليمية في المملكة، مع التركيز على نواتج التعلم التي تتمحور حولها الأدوات التقويمية لهذه المدارس. ووفقًا للمدخل الذي ينتهجه المركز في التقويم والاعتماد المدرسي الذي يستهدف التحسين والتطوير فالتميز حاضر دومًا في التركيز على نقاط القوة في الأداء المدرسي وإبرازها وتوسيع دائرة قصص النجاح في مشهدنا التعليمي.
* وماذا تعني بنواتج التعلم؟
- عمليتا التعليم والتعلم معقدتان بطبيعتهما، وتخضعان للعديد من العوامل، بعضها يمكن ملاحظته بسهولة، وبعضها الآخر يصعب ملاحظته بشكل مباشر، ومن ذلك مقدار ما حصله المتعلم (الطالب). والمختصون في المنهج يمايزون بين ثلاث مراحل للمنهج: المنهج المخطط، المتمثل غالبًا في المعايير التي تحدد لطلاب صف ما في نظام تعليمي ما في مادة تعليمية معينة، أي ما ينبغي أن يتعلموه ويكونوا قادرين على أدائه، ثم يأتي المنهج المنفذ وهو ما يدرس في الصف، وأخيرًا المنهج الذي حصل عليه المتعلم. وكلما حصل المتعلم على أكبر قدر ممكن مما خطط له نستطيع القول إن المتعلم حقق قدرًا كبيرًا من نواتج التعلم المقصودة، ومن ثم يتضح أن نواتج التعلم هي محصلة ما ينبغي على الطالب أن يتعلمه ويكون قادرًا على أدائه، وقد تكون نواتج معرفية ومهارية وقيمية.
وللتعرف على مدى ما حصله المتعلم من مروره بموقف تعليمي تعلمي (قياس نواتج التعلم) يتم تصميم أدوات، بما فيها الاختبارات بمختلف فئاتها بحيث تستهدف قياس ما ينبغي أن يتعلمه الطالب (جانب معرفي) ويكون قادرًا على أدائه (جانب مهاري تطبيقي). تجدر الإشارة إلى أننا في المركز، وفقًا لنطاق عمل الهيئة، ووفقًا لتنظيمها، نستهدف بشكل رئيس قياس نواتج التعلم تلك من منظور مؤسسي (على مستوى المدرسة) وعلى المستوى الوطني (أداء النظام التعليمي بشكل عام).
* المركز ما زال حديثًا فما هي رسالته؟ وما علاقة تقويم التعليم واعتماد المدارس بدعم التنمية؟
- المركز حديث قديم. حديث التأسيس وفقًا لمسماه «المركز الوطني للتقويم والتميز المدرسي» بعد عمليات الدمج لعدد من الهيئات والمراكز في هيئة تقويم التعليم والتدريب وفقًا لتنظيمها الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم 108 وتاريخ 14-2-1440. وقديم إذ إنه استكمل ما بدأ من مشاريع في قطاع التعليم العام منذ تأسيس هيئة تقويم التعليم العام. نحن في المركز نختصر المسافة، من خلال إعداد معايير جودة محلية بمقاييس عالمية سواء لتقويم المدارس الحكومية أو اعتماد المدارس الأهلية والعالمية، وهذه المعايير توجه الجهود المبذولة في مدارسنا نحو المتغيرات التي تصنع فارقًا في أداء طلابها، ومن ثم أداء نظامنا التعليمي بشكل عام. والعلاقة بين النمو الاقتصادي لبلد ما وجودة تعليمه علاقة مطردة في الدليل العلمي. ومؤخرًا من خلال نتائج الدراسات الدولية التي تشرف على تطبيقها محليًّا الهيئة مثل دراسة TIMSS, PIRLS, PISA، وكذلك الاختبارات الوطنية التي تعدها وتطبقها الهيئة، أمكن توظيف الدراسات التنبؤية لتقدير حجم العائد على اقتصاد دولة ما نتيجة التحسن في أداء طلابها الذي يتم قياسه من خلال هذا النوع من الدراسات.
كما يدعم المركز رسالة هيئة تقويم التعليم والتدريب المتمثلة في دعم الاقتصاد والتنمية الوطنية، من خلال تحسين كفاءة الإنفاق في قطاع التعليم العام عطفًا على نتائج التقويم والاعتماد المدرسي، وما تسفر عنه من تشخيص لكفاءة وفاعلية مختلف مكونات نظامنا التعليمي. وهذا بدوره سيتيح فرصة أكبر للمؤسسات التعليمية للتركيز على الاستثمار الأمثل لرأس المال البشري الذي يشكل هدفًا رئيسًا لأي تنمية وأداة لتحقيقها في الوقت ذاته، وعلى المستوى الوطني يعد مرتكزًا لرؤية 2030 في مختلف محاورها (المجتمع حيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح). ومن خلال إسهام برامج التقويم والاعتماد المدرسي في الاستثمار الأمثل لرأس المال البشري تسهم أيضًا في دعم الجهود الوطنية التي تقودها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - بإشراف مباشر ومتابعة من سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية النوعية؛ إذ إن الاستثمار الأجنبي ينظر دومًا لكفاءة رأس المال البشري في البلد المستهدف ومدى مساهمته ليس فقط في تشغيل استثماراته إنما لقدرته على تطويرها والابتكار فيها.
* لماذا نصف - في هذا السياق - ما يتم للمدارس الحكومية بكلمة «تقويم»، بينما نصف ما يتم للمدارس الأهلية والعالمية بكلمة «اعتماد»؟
- في الواقع الذي يتم للمدارس كافة هو عملية تقويمية وفقًا لمعايير متشابهة إلى حد ما مع مراعاة طبيعة التعليم الأهلي والعالمي فيما يتعلق بتنظيم موارده البشرية والمالية والبيئات المدرسية. وما ينتج عن هذه العملية التقويمية يختلف باختلاف نوع المدرسة وفقًا لدرجة استقلاليتها، فمثلاً: المدارس الأهلية والعالمية ينتهي تقويمها بما اصطلح على تسميته عالميًّا ومحليًّا اعتمادًا مدرسيًا بمستوييه الكلي والمشروط، وهو بمنزلة اعتراف من هيئة تقويم التعليم والتدريب - وهي بالمناسبة الجهة الوطنية المخولة للقيام بهذه المهمة وفقًا لتنظيمها الصادر بقرار مجلس الوزراء الذي أشرت له آنفًا - باستكمالها معايير الجودة في الأداء، وبما يمكنها أن تشكل قيمة مضافة لقطاع التعليم العام، وبما يطمئن أصحاب المصلحة كافة من أسر ومستثمرين وصناع قرار في قطاع التعليم العام. إن برامج هذه المدرسة ومناهجها وسياساتها بالفعل تشكل قيمة مضافة، وبالتالي زيادة قدرتها التنافسية، وفي حال حجب الاعتماد عن المدرسة فإن ذلك يشير إلى أن المدرسة بحاجة لتدخلات عاجلة ومهمة وفقًا للتوصيات المقدمة لتحسين أدائها ومن ثم قدرتها على المنافسة. والحال مختلف إلى حد ما في المدارس الحكومية، فمناهجها وبرامجها وسياساتها وخططها الدراسية ومواردها المالية والبشرية معتمدة من وزارة التعليم، ومن ثم اصطلح على أن ما يتم في شأنها هو تقويم مدرسي بشكل دوري لتعزيز أدائها وتطويره، وينتهي تقويم تلك المدارس بتصنيفها في فئات أربع وفقًا لأدائها: مرحلة التهيئة (مستوى أداء منخفض وبحاجة لإحداث تدخلات جوهرية للتحسين في معظم مجالات التقويم)، والانطلاق (مستوى أداء متوسط وبحاجة إلى تحسينات في بعض المجالات)، والتقدم (مستوى أداء جيد وبحاجة إلى استمرار ومتابعة التحسين والتطوير)، والتميز (مستوى أداء ذو جودة عالية ويتطلب استدامة التميز والابتكار). وأود التأكيد على أن المدخل الذي ينتهجه التقويم المدرسي هو مدخل تحسيني تطويري داعم في الأساس لجهود المدرسة؛ لذا سميت بمرحلتي الأداء الأقل بالتهيئة والانطلاق. ويفترض التصنيف في أي من المرحلتين أن هناك جوانب تميز في الأداء المدرسي لكنه لم يصل بعد لمستوى التميز على المستوى المؤسسي الذي يستهدفه مشروع التقويم المدرسي، في حين أن مرحلتي التقدم والتميز تفترضان أن ذلك التميز في الأداء المدرسي بات ملموسًا مؤسسيًا ويمكن رصده من خلال مختلف أدواالتقويم.
* أين وصلتم في تقييم المدارس الحكومية؟
- بحمد الله طور الإطار العام لتقويم المدارس الحكومية، ثم اعتمد في عام 2019. ويتكون الإطار من شقين: الأول يختص بمنطلقات التقويم المدرسي وسياساته ومنهجيته، والشق الآخر يتمثل في معايير التقويم المدرسي الرئيسة والفرعية ومؤشراتها وأدواتها، وكانت الهيئة قد نشرت مؤخرًا بيانات تقويم 711 مدرسة اختيرت عشوائيًا من مختلف إدارات التعليم، وهي بالمناسبة تشكل خط أساس للتقويم المدرسي، ونتائج تلك العينة منشورة على منصة بيانات الهيئة وفقًا لعدد من المتغيرات (إدارة التعليم، الجنس، والمرحلة، ونوع التعليم، وحجم المدرسة، وكثافة الصفوف وغيرها من المتغيرات)، كما تم تصنيف المدارس في واحد من التصنيفات الأربعة التي ذكرت آنفًا. ويستعد المركز حاليًا لإطلاق منصة التقويم الذاتي لجميع المدارس في المملكة العربية السعودية كمرحلة أولية لبدء عمليات التقويم المدرسي للمدارس الحكومية والاعتماد المدرسي للأهلية والعالمية التي ستبدأ مطلع الفصل الدراسي القادم حال عودة المدارس إذا ارتفعت الجائحة بحول الله.
* حدثنا عن المنصة الرقمية المستخدمة في التقويم والاعتماد المدرسي؟ وهل هي واحدة للأمرين أم مختلفة؟
- هناك منصتان؛ إحداهما للتقويم الذاتي والأخرى للتقويم الخارجي. وتحتوي المنصتان على نظام لعمليات التقويم كافة للمدارس الحكومية. والاعتماد للمدارس الأهلية والعالمية مؤتمت بالكامل بدءًا من عمليات التسجيل مرورًا بعمليات التقويم الذاتي ثم التقويم الخارجي، وانتهاء بتزويد المدارس بتقارير التغذية الراجعة، ومن ثم عمليات التصنيف للمدارس للحكومية والاعتماد بمختلف درجاته للأهلية والعالمية. الأمر الآخر أن تطوير هذه المنصة تم وطنيًا بالاعتماد على الكوادر التقنية بالهيئة، وهو نموذج لمنظومة رقمية للتقويم والاعتماد المدرسي منافسة ليس محليًا فقط بل إقليميًا وعربيًا.
* وهل تدخل الاختبارات في عمليات التقويم؟
- هناك مداخل مختلفة للتقويم المدرسي، أحد أبرز تلك المداخل - وهو الذي تنتهجه عدد من الدول ذات النظم التعليمية الجيدة - المدخل المعتمد على نواتج التعلم. وفي مشروع التقويم والاعتماد المدرسي تم تخصيص وزن نسبي أكبر لنواتج التعلم مقارنة بمجالات التقويم الأخرى (القيادة المدرسية، والتعليم والتعلم، وبيئات التعلم المدرسية) وعليه فستكون نواتج التعلم بمعياريها الرئيسيين الإنجاز التعليمي الذي سيقاس من خلال الاختبارات الوطنية. ومعيار التطور الشخصي والاجتماعي مكون رئيس ضمن مجالات التقويم والاعتماد المدرسي. ولضمان التوظيف الأمثل لنتائج تلك الاختبارات ضمن التقويم والاعتماد المدرسي، وبما يسهم في تطوير الممارسات التعليمية في مدارسنا، وكذا ترشيد القرار التعليمي، فقد طورت هيئة تقويم التعليم والتدريب الإطار المرجعي للاختبارات الوطنية لتشمل مدارس المملكة العربية السعودية كافة حكومية وأهلية وعالمية لأول مرة في تاريخ التعليم لدينا. كما تم استهداف نهاية الحلقات الدراسية متمثلة في الثالث الابتدائي «نهاية الطفولة المبكرة»، والسادس الابتدائي «نهاية المرحلة الابتدائية»، والثالث المتوسط، والثالث الثانوي، وذلك في مواضيع القراءة والرياضيات والعلوم، وبهذا الشكل ستتكامل الاختبارات الوطنية مع الدراسات الدولية ليكون لدينا على الأقل سبع نقاط تفقد لطلابنا وطالباتنا على المستوى الوطني خلال مسيرتهم في التعليم العام، وهذا التكامل بين مجالات التقويم المدرسي الثلاثة (القيادة المدرسية، وعمليات التعليم والتعلم، وبيئات التعلم) والمجال المحوري الرابع وهو نواتج التعلم (الاختبارات الوطنية) يؤمل أن يرسم صورة واضحة المعالم لطبيعة أداء نظامنا التعليمي وطبيعة التدخلات المطلوبة وحجمها على مستوى كل مدرسة ومن ثم على المستوى الوطني.
* وماذا عن المعلمين؟
- يكاد يجمع المختصون على أن العامل الرئيس في تميز نظام تعليمي ما يتمثل في جودة أداء معلميه، ويتكامل مجالا التعليم والتعلم بمعاييره الأربعة ونواتج التعلم بمعياريها لإبراز ذلك الدور الحيوي والمهم للمعلمين في مسيرة طلابهم، ويتم التركيز هنا على العمليات والاستراتيجيات والأنشطة التي تتمحور حول المتعلم لتلبية احتياجاته، وتنمية قدراته، وما يتبع ذلك من استراتيجيات تقويم. كل ذلك بلا شك يتطلب تأهيلاً متينًا وممارسة واعية من جانب المعلمين، ولدعم هذا الجانب شرعت هيئة تقويم التعليم والتدريب في تطبيق الترخيص المهني للمعلمين لأول مرة في تاريخ التعليم لدينا.
ويستقصي التقويم المدرسي ضمن بياناته الرئيسة عدد المعلمين المرخصين ومستوياتهم سواء في المدرسة الحكومية أو الأهلية أو العالمية وكذا نسب التوطين في القطاع الخاص وهو ما سيمكن لاحقًا من الربط بين أداء المدرسة ونسبة معلميها المرخصين ومستوياتهم المهنية.
* كيف كان تأثير الجائحة على أعمال المركز؟
- عمليات التعليم والتعلم وعمليات التقويم صنوان، وبمجرد انطلاق عمليات التعليم عن بعد فقد طور المركز منظومة تقنية لتقويم مدرسي افتراضي (عن بعد) تتكون من عدد من المعايير والأدوات المصاحبة، بحيث يقوم أخصائي التقويم بزيارات افتراضية للدروس بشكل مباشر من خلال المنصات التعليمية المستخدمة في مختلف المدارس.
* كم عدد المدارس التي قُيمت في الفترة الماضية؟
- قام المركز بتقويم قرابة 90 مدرسة تجريبيًا تستخدم منصات تعليمية مختلفة تمثل أطياف تلك المنصات كافة تقريبًا، ومؤخرًا أنهينا الترتيبات كافة لتوسيع نطاق تطبيق التقويم المدرسي الافتراضي. وسيكون خيارًا تقويميًا متاحًا للمدارس والبرامج التي تطبق أيًا من برامج التعليم عن بعد.
* هل لديكم صلاحيات إغلاق المدارس؟ ومتى يتم إغلاق مدرسة بعينها؟
- التقويم والاعتماد المدرسي بشقيه للمدارس الحكومية والأهلية والعالمية يشخص بشكل موضوعي أداء تلك المدارس، ويقدم تغذية راجعة مركزة ومحددة تشمل جوانب التميز لتعزيزها، وتلك التي تحتاج لمزيد من التحسين والتطوير، وتلك هي مهمة هيئات التقويم. وفي بعض الحالات - وخصوصًا في بعض المدارس الأهلية والعالمية - يكون هناك ملاحظات تخص سلامة الطلاب، غالبًا في المباني غير التعليمية، أو تدنٍّ كبير في أداء طلابها، ومن ثم يكون هناك توصيات مباشرة بتدخل سريع لمثل هذا النوع من المدارس.
* ماذا تقصد بمبانٍ غير تعليمية؟
- يقصد بها المدارس التي تستخدم مباني ليست مخصصة لتكون مدارس أو مباني تعليمية، وعادة تكون في مبان مستأجرة، ولا يزال لدينا عدد لا بأس به من هذه المدارس، وعلى الأخص في قطاع التعليم الأهلي والعالمي.
* ما الذي سيضيفه تقويم المدارس الحكومية؟ وما خطة المركز لتقويم تلك المدارس؟
- ستجد المدارس نفسها أمام معايير تقويم مقننة وفي الوقت ذاته محفزة لتطوير أدائها من دورة لأخرى، وسيتم لأول مرة تصنيف المدارس الحكومية وفقًا لأدائها لأربع مستويات (التهيئة، والانطلاق، والتقدم، والتميز)، وسيعلن ذلك بكل موضوعية وشفافية، وسيتم الكشف عن مؤشرات الأداء لكل مدرسة في جميع مجالات التقويم ومعاييره ومؤشراته، وذلك وفقًا لدورة زمنية تتراوح من ثلاث إلى أربع سنوات، كل ذلك يؤمل أن يسهم في توجيه الموارد والجهود التطويرية وبشكل دقيق ووفقًا لمقاييس موضوعية وشفافة بما يعزز التميز أينما وجد في مدارسنا، ويسهم في توسيع نطاقه، وفي الوقت ذاته يبصر بمواطن التحسين والتطوير. فيما يخص خطة المركز لتقويم المدارس الحكومية لدينا قرابة 16300 مدرسة وفقًا لتعريف المدرسة الذي حدده التقويم المدرسي، وقد أعد المركز خططه التنفيذية لتقويم المدارس الحكومية كافة في دورة مدتها أربع سنوات وفقًا لظروف التطبيق ومتغيراته.
* وما هي خططكم لاعتماد المدارس الأهلية والعالمية؟
- الاعتماد المدرسي للمدارس الأهلية والعالمية يأتي في سياق الدعم الحكومي الكبير للقطاع الخاص. وأحدث برامج ذلك الدعم مشروع شريك السعودي الذي أطلقه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويسهم الاعتماد المدرسي الذي تقدمه هيئة تقويم التعليم والتدريب ممثلة في المركز الوطني للتقويم والتميز المدرسي في دعم قطاع التعليم الأهلي والعالمي من خلال تزويدهم بمعايير جودة عالمية وبتطبيقات تراعي السياقات المحلية يمكنهم من خلالها تطوير أداء مؤسساتهم التعليمية ورفع درجة تنافسيتها. الجانب الآخر يتمثل في التقارير الدورية التي ستساعدهم في رفع كفاءة خطط التحسين والتطوير لمؤسساتهم، وكل ذلك بموضوعية وشفافية وعدالة. وقد أطلقت الهيئة ممثلة في مركز «تميز» بدء عمليات الاعتماد المدرسي من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات مع عدد من كبريات الشركات التعليمية، وقد بدأ التحضير لانطلاق عمليات الاعتماد مع مدارس تلك الشركات من خلال برامج تعريفية، يعقبها إتاحة منصة التقويم الذاتي لتلك المدارس للبدء بمرحلة التقويم الذاتي الذي يسبق التقويم الخارجي الذي يقوم به أخصائيو التقويم المدرسي المرخصون من الهيئة. ورغم أن الاعتماد المدرسي الوطني ليس إجباريًا إلا أن عدد المدارس المسجلة للبدء في عملياته تجاوز 200 مدرسة خلال أقل من شهر من إطلاق البرنامج، والعدد في تزايد مطرد، وهذا في الحقيقة يدل على مستوى النضج الذي يتمتع به هذا القطاع ووعي مستثمريه وحرصهم على تجويد أداء مدارسهم من خلال حوكمته وفقًا لمعايير الاعتماد المدرسي الوطني.
* ماذا عن الكوادر التي تقوم بالتقويم والاعتماد؟ وهل لديكم ندرة في هذه التخصصات؟
- المرحلة الرئيسة في التقويم والاعتماد المدرسي تتمثل في التقويم الخارجي الذي يقوم به أخصائيو تقويم تم تدريبهم وترخيصهم من الهيئة. لدى المركز قرابة 200 أخصائي مرخص، والمركز بالتعاون مع المراكز والإدارات المعنية كافة في الهيئة يستهدف 800 أخصائي مرخص قبل نهاية الربع الثالث من هذا العام 2021. وفي الواقع، الإقبال كبير على برامج أخصائي التقويم المدرسي إلا أن العمل في التقويم المدرسي يخضع لمنافسة كبيرة فضلاً عن أنه يتطلب تفرغًا جزئيًا. وبالمناسبة الالتحاق ببرامج الترخيص لأخصائي التقويم المدرسي ليس محصورًا على العمل في المركز، فهناك من يتقدم للحصول على الترخيص للعمل على تطوير وتهيئة مدرسته للتقويم الخارجي، وهناك من يستهدف الاستثمار في صناعة التقويم والاعتماد المدرسي بمختلف صوره.
* ماذا عن ترخيص الجهات الدولية المانحة للاعتماد؟
- لدينا عدد يتجاوز عشر جهات دولية تمنح اعتمادًا مدرسيًا للمدارس الأهلية وعلى الأخص البرامج الدولية والمدارس العالمية ذاتها. ولتنظيم عمل هذه الجهات، وضمان تقديمها الخدمات المترتبة على الاعتماد بالمستويات المتوقعة للمدارس، وتكاملاً مع مشروع الاعتماد المدرسي الوطني، أقر مجلس إدارة الهيئة لائحة للترخيص للجهات الدولية المانحة للاعتماد المدرسي. يأتي من أبرز مواد هذه اللائحة تزويد المركز بتقارير سنوية عن طبيعة ومستوى الخدمات التي تحصل عليها المدارس بشكل دوري من هذه الجهات. ويتم تقييم مستوى تلك الخدمات ومن ثم يكون ذلك التقييم أحد المدخلات لاستمرار الترخيص لتلك الجهات من عدمه. وقد تقدم للمركز قرابة أربع جهات أجنبية بطلب الترخيص لها للقيام بأعمال التقويم والاعتماد المدرسي.
* وهل هذه الجهات معترف بها؟
- تم إقرار اللائحة حتى يتم الترخيص لهذه الجهات والتعرف الدقيق على طبيعة ما تقدمه من خدمات لتجويد أداء المدارس ورفع كفاءتها. بعض هذه الجهات تقدم اعتمادات موضوعية وجادة ودقيقة، في حين أن بعضها أقل من ذلك بكثير، وسيتم حجب الترخيص عن تلك الفئة.
* هل تقصد أن غرض هذه الجهات ربحي في المقام الأول؟
- من الصعب الحكم دون توافر بيانات دقيقة عن هذه الجهات، وذلك أحد أهداف الترخيص لتلك الجهات.
* وهل تقدمت هذه الجهات للحصول على ترخيص؟
- نعم تقدمت 4 جهات، ثلاث منها دولية وواحدة عربية.
* هل ترى أن وجودها مهم؟
- بعضها كما ذكرت لديهم إضافات مهمة في عملية الاعتماد، ونحتاج إلى استمرارهم، لكن في الجانب الآخر نحن في حاجة لتنشيط صناعة تقويم وقياس واعتماد وطني، من خلال بيوت الخبرة والمكاتب الاستشارية والمؤسسات التعليمية المرموقة للدخول في هذا النوع من الصناعة. وهناك جهود مع عدد من الجهات الحكومية لدعم الاستثمار الوطني في هذه الصناعة عبر توعية المستثمرين بحجم الفرص الواعدة في هذا القطاع، وكذا الفرص التمويلية الممكنة.