رقية سليمان الهويريني
دشن سمو ولي العهد مشروعًا ثقافيًا مهمًا ظل مسكوتا عنه ردحًا من الزمن، ولم يكن من السهل مناقشته أو حتى فتح الحوار حوله وأعني به الاستناد على أحاديث الآحاد وقداسة الأفراد!
ففي اللقاء التلفزيوني مع سمو ولي العهد بمناسبة مرور خمس سنوات على الإعلان عن الرؤية السعودية؛ أفرد سموه جزءًا من اللقاء عن تأثير أحاديث الآحاد في التاريخ الإسلامي وقوة ثباتها وحرص المسلمين على الأخذ بها وتفسيرها بناء على الاجتهادات وبحسب ظرف الزمان والمكان، وأشار إلى كيفية فهم تلك الأحاديث وتوظيفها!
والمتمعن في بعض الأحاديث التي تنسب للرسول صلى الله عليه وسلم يجد أنها أحيانا تناقض نصا قرآنيا مثل حكم الآية الكريمة {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} أو لا تستقيم مع مقتضى الأحوال مثلما يتعلق بالسحر وأثره في صحة الانسان أو تعطيل العلم مثل دوران الأرض أو تقلل من قيمة الانسان مثل رواية قطع الصلاة من لدن المرأة والحمار والكلب الأسود!
واكتسبت أحاديث الآحاد ومثلها الأحاديث الضعيفة قداسة بسببين أحدهما القوة المفروضة بسلطة تحميها ليتم توظيفها بتنفيذ أجندات فكرية تخدم مصالح فئة دون أخرى وأصبحت مع مرور الوقت وتعاقب الأجيال من المسلمات بل مصدرا من مصادر التشريع مثلما أعطت للرجل الذكر مميزات على الأنثى كي يتم السيطرة عليها واستغلال جهلها آنذاك لتسلّم بنفوذ الرجل استنادا إلى حديث ضعيف. والسبب الثاني هو العقل المتلقي الذي قدس رجال الدين، ممن يقدسون ناقلي الأحاديث فأصبحنا نسمع (قال فلان قدس الله سره) أو (فلان الموقّع عن الله)! مقابل (قال الله في محكم تنزيله) هذا القرآن العظيم الذي حفظه لأكثر من ألف وخمسمئة عام ويشمل على كل ما يحتاجه البشر في أمور عقيدتهم وشؤون دنياهم بحسب قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.
إن أسوأ ما اقترفه المجتمع الإسلامي هو خلق الخرافة كفعل جماعي؛ حينما اتفقت مجموعة محدّدة على تعزيزها بهدف السيطرة على فئة ترى أنها دونها اجتماعيا، كي تسوغ لها التحكم والاستبداد الفكري وبالتالي يسهل توجيهها.
ولئن كان توجه الرؤية السعودية المباركة على مدى الخمس سنوات الماضية (اقتصاديا وسياسيا)؛ فإنني استشرف أن يكون توجهها للخمس سنوات المتبقية (اجتماعيا وثقافيا) لنفض غبار الوهم والجهل، فهما آفة المدنية والحضارة!