عبدالرحمن الحبيب
بمتابعة حثيثة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، راعي رؤية المملكة 2030 ومبدعها، ومن خلال رؤيته الواضحة الأهداف والتخطيط والتنفيذ حققت المملكة قفزات تنموية واجتماعية مذهلة.. ببساطة تلك عبقرية فذة لسموه - أيده الله - الذي أكد «أن برامج تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 استطاعت - بعون الله وفضله - تحقيق إنجازات استثنائية، وعالجت تحديات هيكلية خلال خمسة أعوام فقط..».
هذه الإنجازات عديدة ومتنوعة شملت كافة مناحي الحياة ومنها الاهتمام البالغ بقضايا البيئة والمناخ؛ فقد أولت رؤية المملكة 2030 هذه القضايا اهتمامًا بالغاً تجلى في وضعها ضمن عناصر أولى محاور الرؤية وهي «مجتمع حيوي». وكان من ضمن الأهداف العامة الستة للرؤية «تمكين حياة عامرة وصحية» عبر أهدافها الفرعية ومنها ضمان الاستدامة البيئية بالحد من التلوث بمختلف أنواعه (مثل التلوث الهوائي والصوتي والمائي والترابي)، حماية البيئة (مثل التصحر)، حماية وتهيئة المناطق الطبيعية (مثل الشواطئ والجزر والمحميات الطبيعية).
بعد مرور خمس سنوات على وضع هذه الخطط والاستراتيجيات موضع التنفيذ ظهر جلياً التطورات الهائلة في مجال الحفاظ على البيئة واستدامتها، ومنها إنشاء سبع محميات طبيعية لحفظ الأنواع النباتية والحيوانية ولتكون خزانًا وراثيًا حيًا، إضافة لصدور أنظمة لحماية البيئة من الصيد والاحتطاب وقطع الاشجار والرعي الجائر.. وكما بيَّن سموه فقد «ارتفع الغطاء النباتي بنسبة 40 في المائة خلال الأربع سنوات الماضية مما كان له أثر بانخفاض نسبة العواصف الرملية بنسبة 30 في المائة أو أكثر..».
هذه الفترة شهدت أيضاً الإعلان عن مشروعات عملاقة للمحافظة على البيئة وأحدثها مبادرة «السعودية الخضراء» لمضاعفة المساحة المغطاة بالأشجار 12 مرة، ورفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 في المائة، ومبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» لزراعة خمسين مليار شجرة في المنطقة، بالإضافة لعدة مبادرات نوعية، وتقليل انبعاثات الكربون في المنطقة بأكثر من 10 في المائة من الإسهامات العالمية، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية. وحصلت هاتان المبادرتان على تأييد دولي، فيما تجهز المملكة لاستضافة منتدى دولي لهاتين المبادرتين خلال هذا العام لوضعهما موضع التنفيذ.
وفي الأسبوع قبل الماضي خلال قمة المناخ العالمية الافتراضية أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب منهجية شاملة تراعي مختلف الظروف التنموية حول العالم، وأن الحل الشامل لمواجهة تحديات التغير المناخي يكمن في رفع مستوى التعاون الدولي. وجاء في كلمته - حفظه الله - «وقد أطلقنا وفق رؤية المملكة 2030 حزمة من الاستراتيجيات والتشريعات، مثل الاستراتيجية الوطنية للبيئة، ومشاريع الطاقة النظيفة؛ بهدف الوصول إلى قدرة إنتاج (50 في المائة) من احتياجات المملكة بحلول عام 2030م». ومؤكداً على اهتمام المملكة والتزامها بالتعاون لمكافحة التغير المناخي لإيجاد بيئة أفضل للأجيال.
وحين تولت المملكة رئاسة قمة مجموعة العشرين العام الماضي، ركزت على قضايا المناخ داعمة تبني الاقتصاد الدائري للكربون، وإطلاق مبادرتين دوليتين للحد من تدهور الأراضي وحماية الشعب المُرجانية، مبرهنة على التزام المملكة بحماية البيئة ومكافحة التغيُّر المناخي في إطار اتفاقية باريس، والمواثيق الدولية ذات العلاقة.
كما أعلنت وزارة الطاقة السعودية، أن المملكة ستنضم إلى تأسيس منتدى جديد هو «منتدى الحياد الصفري للمنتجين»، وجاء في بيان مشترك لأعضاء المنتدى، أن «كندا والنرويج وقطر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، التي تمثل مجتمعة، 40 في المائة من الإنتاج العالمي من البترول والغاز، ستجتمع لتشكيل منتدى تعاوني سيطور استراتيجيات عملية للوصول بالانبعاثات إلى الحياد الصفري، تشمل الحد من انبعاثات الميثان، وتعزيز نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وتطوير ونشر تقنيات الطاقة النظيفة واحتجاز الكربون وتخزينه، وتنويع مصادر دخل لا تعتمد على إيرادات المواد الهيدروكربونية، وإجراءات أخرى تتوافق مع الظروف الوطنية لكل دولة».
وافتتح كذلك أول مشروعات مبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المتجددة، وهو مشروع محطة سكاكا لإنتاج الكهرباء، كما تم الإعلان عن مشروعات أخرى لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، في مناطق مختلفة من المملكة، وقد حققت بعض هذه المشروعات أرقاما قياسية جديدة تمثلت في تسجيل أقل تكلفة لشراء الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية في العالم. هذا إلى جانب عدد من مشروعات الطاقة النظيفة لإنتاج الهيدروجين والأمونيا.
وستسهم مشروعات الطاقة المتجددة في تنويع مزيج الطاقة المستخدم في إنتاج الكهرباء، بحيث سيكون إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة والغاز بنسبة 50 في المائة لكلٍ منهما بحلول عام 2030م، وسينتج عن هذا إزاحة ما يقارب مليون برميل بترولي مكافئ من الوقود السائل. كما تصدرت المملكة الإنتاج العالمي لتحلية المياه المالحة بأعلى طاقة إنتاجية للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، حيث بلغت 5.9 ملايين م3 يوميًّا في عام 2020م، وأسهم استبدال التقنيات الحرارية والتوسع في استخدام التقنيات الصديقة للبيئة في تحقيق خفض في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بلغ 28 مليون طن سنويًا.
هذه الإنجازات الرائعة تحققت في غضون المرحلة الأولى من تنفيذ الرؤية وبعضها تحقق قبل موعدها ليكون الطموح أكبر حتى من أهداف الرؤية عندما وضعت في البداية مبشراً بمستقبل باهر لمملكتنا العظيمة..