د.جيرار ديب
أكَّد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أنّ رؤية المملكة 2030 ستحقق العديد من أهدافها قبل حلول العام 2030، مستعرضًا في مقابلة بثتها عدد من القنوات الفضائية منجزات الرؤية في تنويع مصادر دخل المملكة غير الثروة النفطية، كاشفًا عن التوجه للإعداد بأن يكون هناك رؤية 2040 والتي ستكون مرحلة المنافسة على مستوى عالمي، بعد تحقيق أهداف رؤية 2030.
رؤية ولي العهد على طريق الإنجاز على الصعيدين الاقتصادي والسياحي، لنقل المملكة إلى مرتبة الدول العالمية ضمن رؤية تحاكي المستقبل الواعد، بعيدًا عن مصدر الطاقة النفطية. لكن ماذا عن رؤيته السياسية للمرحلة القادمة، وسط التطورات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، فهل ستكون صائبة، وتجعل من المملكة الرقم الصعب في المعادلات القادمة؟
من يتابع ويقرأ بهدوء خطوات المملكة في المرحلة الأخيرة، يدرك أنّ ولي عهدها يجيد التصويب على الأهداف بدقة. فهو لم ينتظر النتائج التي ستأتي بها المباحثات غير المباشرة بين الأميركي والإيراني في الملف النووي، والتي قد تتحوّل إلى مباحثات مباشرة، بل أعاد خلط الأوراق من جديد عبر إقدامه على طرح مبادرات في أكثر من جهة، ففاجأ الحليف قبل الخصم.
لذا، لم تأخذ المملكة العربية السعودية موقف المتفرج حول ما يجري في المنطقة، بل سارعت إلى فتح قنوات حوار مع خصوم الأمس، لا سيما الإيراني والتركي، إذ استطاع ولي العهد إعادة خلط أوراق اللعبة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط من جديد. فتصريحاته حول استعداد المملكة بأن تكون لديها علاقة طيبة ومميزة مع إيران إذا تخلت عن ممارساتها السلبية، اعتبرت جدّ متقدمة؛ خصوصًا أن لإيران أنشطة تعتبر سلبية تجاه المملكة من نواحٍ عدة، عبر دعمها لجماعة الحوثيين، ومدّهم بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي تهدد مناطق سعودية. هذا إضافة إلى أنشطتها النووية المتطورة، التي ستشكل خطرًا حقيقيًا في المنطقة، والتي تعارضها دول العالم أجمع.
لم يكتف ولي العهد بالدعوة إلى إقامة علاقة ودية مع إيران، بل ترجمها بمفاوضات حثيثة مع الإيراني عبر الوسيط العراقي، كي يثبت حسن نية سياسته المستقبلية لمنطقة أكثر أمنًا وأمانًا. كما وأقدم على خطوات استباقية، تهدف لأخذ المنطقة نحو معالجة قضاياها بالطرق السلمية، عبر فتح الحوار، للوصول إلى تسويات تنهي حالة النزاع القائمة في أكثر من دولة عربية وإسلامية، بدليل زيارة وزير خارجية تركيا للمملكة لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه سابقًا بين البلدين.