مها محمد الشريف
يمضي كل فرد حياته محاولاً أن يحقق ذاته وكيانه على أرض وطنه، مرتدياً ثياب الكفاح من أجل مستقبل أفضل، مجدداً ومؤكداً أن النفع على أرضه لا يعادله نفع ولا حياة، ففي كل يوم نقف تقديراً وإجلالاً لجنود الوطن، نقف إكباراً للأبطال على الحدود الجنوبية، وننعى الذين فارقونا شهداء -بإذن الله- اللهم أسكنهم فسيح جناتك واربط على قلوب أهليهم وعظّم أجرهم.
فمهما اختلفت حياة الإنسان المعاصر وتوسطت الصورة الحديثة بينه وبين نفسه وعبرت عن تفاعله ومعنى القيمة الجمالية والأخلاقية في داخله، لن يجد أعظم من فرحة واستقرار في كل مناسبة سعيدة على أرض وطنه، فلن نستطيع التخلي عن فكرة الحقيقة الواحدة وما يحدث خلف هذه الصورة الجمالية، فهل ندرك ما نرى من حزم وعزيمة وإصرار، وما يكتسح الأفق البعيد من شجاعة أبطالنا في مختلف القوات العسكرية الذين يصدون عنا شر الأعداء، بارك الله جهودهم، وكل عام وهذا الوطن العظيم وقادته وحكومته وقطاعاته بخير.
وللكلمات هنا ثقل استثنائي في فترة عصيبة من حياة الأمم في زمن جائحة كورونا، ونشيد بدور أبطال الصحة ونشكر وقوفهم بكل إصرار وحماس في مواجهة خطر هذه الجائحة لتظل هذه المهنة الإنسانية أيقونة تذكر الجميع أن صدى هذا التراحم والتعاطف لكل الناس يعبر عن تقدير جم للعاملين في هذا المجال وفرصة عظيمة لتوحيد المجتمع مع هذا القطاع الحيوي، ودور أساس له تأثير كبير يتوجب إلقاء الضوء على الجهود التي تبذلها الجهات الصحية في المملكة.
ولعل ذلك الحس العميق بالانتماء يتعدى توزيع المهام، بل يؤكد معنى الوطنية ويسقط نمط الاغتراب الذي يعاني منه العالم، لأن الغربة تحتل حجماً غير محدد من الروح وتضيق بها المساحة المكانية، وليس هناك من شك بأن الحاجة إلى الانتماء يزداد بها شعور الفرد بالأمن والتقدير الاجتماعي كما يزداد اعتداده بنفسه وبوطنه، فالوطن هو الفصل الخامس من فصول السنة باعتباره أصلاً وأساساً يثبت ما عداه ويكون قابلاً للإثبات، وهنا تكمن الحقيقة ولا مجال للبس والظن والنزاع والخلاف.
فقد تأسست الثقافة الأخلاقية الرفيعة على القواعد الإسلامية وشرّعها الدين لتكون تربية دينية رشيدة وجدنا آباءنا وأجدادنا عليها، وحملت قلوبنا وكتبنا هذا التاريخ المجيد، وكشف عما تنطوي عليه من أدوار عظيمة قام بها مؤسس هذه الأرض المقدسة، فتحتفل المملكة العربية السعودية بأعيادها وفي تاريخها يوم يحمل وطناً عظيماً ورؤية طموحة ترجمت نهضة كبيرة تحقق جزء كبير منها، وفي النفوس سيل من السعادة لهذا النجاح والإنجاز الكبير، ويدرك الفرد هنا معنى العاطفة المثيرة التي يشعلها حب الوطن، ولن يستطيع دفنها لأنها دافع فطري فمن هنا تولد الرغبات العميقة في الانتماء والولاء.
أما السمة المميزة في تاريخنا أن كل عيد نحتفل به من العيدين تتجدد معهما الأفراح وفي القلوب حب الوطن الساكن في تاريخنا المجيد فهو الدافع لكل الأفراح والاحتفالات، لأن ذلك يكمن في العمق من حياة الشعوب، وهذا الشعور يرتبط بهذا الوطن وقادته عبر التاريخ.
وقد اهتم الإنسان بالحياة العامة بكل مناسباتها التي تنبثق منها انطباعات عامة تحرض العواطف على التفاعل، يحول القرى والهجر الصغيرة إلى وطن كبير يضم العالم الاجتماعي والأمة المستقرة والجيش الصامد وكل الفوارق الاجتماعية والحدود الجغرافية تتوحد في كل المناسبات والأعياد، وكل عام وأنتم بخير والوطن بخير ومن مجد إلى مجد.