إيمان حمود الشمري
تزاحمنا الذكريات الحزينة وقت الفرح تحدديدًا وكأن المناسبات صنعت لاجترار الماضي والتأسف على ما فات، لوهلة نغيب عن الحضور وننسى مناسباتنا السعيدة ونحن نسترجع ذكرياتنا المؤلمة وكأننا نتلذّذ بتعذيب أنفسنا، دون أن يكون لنا القدرة على تغيير ما حدث، نحن أول من يساهم في نبش جروحنا وعمل ندوب تكاد تكون مرئية للغير بسبب انعكاسها على ملامحنا وتعبيرات وجوهنا، فكيف لنا أن نواري ثغراتنا ونحن من ساهم في تعريتها أمام الآخرين. لماذا تزاحمنا ذكرياتنا الموجعة وتعكر علينا فرحتنا وتجعلها ناقصة؟ لماذا يمر العيد على البعض حزيناً وكئيباً؟ هذه المناسبة التي تستحق الاحتفاء كونها مناسبة دينية عظيمة كيف جعلنا منها محطة للحزن والتأسف على الماضي وتذكر المفقودين ونسيان الموجودين، ماذا لو فكرت بأنك لست وحدك ففي كل بيت غصة وفي كل نفس كسرة، وفي كل أسرة وجع وفي كل حياة نواقص. تختلف العوائل وتتفاوت بمستوياتها وتتشابه النفوس الإنسانية بمعاناتها وانكساراتها، لا توجد حياة كاملة وليس هناك ما يدّعى بالمثالية، وقد تكذب الصور والمظاهر ومواقع التواصل الاجتماعي التي تبث الأجمل وليس الحقيقي. ولو كشف لنا الغيب مدى معاناة أشخاص كنا نعدهم من صفوة الناس لصدمنا من واقعهم الحقيقي الذي يعيشونه.
السعادة لا تعتمد على المعطيات وليست تحديداً فيما عندك وإنما في كيفية النظر لما لديك وما تملك من جانب إيجابي، السعادة أن تتأقلم مع النواقص وتتخطى المنغصات بصبر وجلد وسعة صدر، السعادة أن لا تطيل فترة الحزن والتأسف وترفق بنفسك وتتجاهل ما يزيد من ألمك النفسي وأن لا تعطي الأمور أكبر من حجمها، فما كملت الحياة لبشر على وجه الأرض أياً كان مستواه المادي والتعليمي والاجتماعي، وأمور كثيرة تصادفنا وتعيق مسيرتنا لا نملك حق الخيار بها، ولكننا نملك الخيار في أن نتعلّم كيف نتصالح مع واقعنا، كيف نتخطى آلامنا، فبالبهجة صناعة ذاتية لا يمكن أن يصنعها لك أحد ويقدّمها على طبق من ذهب، ولا توجد مقادير معينة تمنحك السعادة جاهزة، نحن من يجب أن يتعلّم من يصنع السعادة بعدم استرجاع الماضي، بإعطاء المستقبل فرصة كي يثبت نفسه وينسينا الماضي، بمحاولة التصالح مع الواقع ومحاولة تخطي آلامنا وجروحنا دون الالتفات للوراء لأن تلك الالتفاتة لن تضيف لنا شيئاً سوى المزيد من الألم والهزات النفسية، فمناسباتنا السعيدة وأفراحنا تستحق منا الابتهاج بها دون منغصات، ويجب أن نتعلّم تدريجياً كيف نضغط على جروحنا القديمة دون أن نشعر بالألم فعندما نفقد الإحساس بالألم تجاه ما يزعجنا فذلك يعني أننا شفينا تماماً.