خالد بن حمد المالك
أعطى الرئيس الأمريكي جو بايدن مهلة مفتوحة لإسرائيل لتواصل ضرباتها القاتلة، وهجومها الواسع ضد غزة ومظاهرات الاحتجاج الفلسطينية في المدن المحتلة، وزاد على ذلك بموافقته في هذا التوقيت على تمرير صفقة أسلحة متطورة لإسرائيل، وقبلها وبعدها بتأخير عقد اجتماع مجلس الأمن، ثم إفشال مشروع قرار لثلاث مرات يدعو للتهدئة وإيقاف القتال بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
* *
ولا أحد في العالم يبكي على هذا الدم الفلسطيني المسكوب، وعلى جرائم إسرائيل في ضربات طيرانها وصواريخها ومدفعيتها وزوارقها البحرية للأبراج والمباني والمنازل في غزة، ولا أحد تأثر أو تألم أو أصابه الحزن لهذا الإفراط في العنف الذي تمارسه الدولة المدللة بحق الفلسطينيين الذين يتظاهرون في داخل إسرائيل احتجاجاً ورفضاً لسلب حقوقهم، ومصادرة منازلهم، والزج بهم في غياهب السجون.
* *
أمريكا ودول الغرب ترى في عدوان إسرائيل على غزة، وقمعها حتى للمظاهرات السلمية في المدن والبلدات التي تحتلها إسرائيل، إنما هو دفاعاً عن النفس، وأن لإسرائيل الحق بأن تواجهها بمثل ما يتم الآن، بينما لا ترى هذه الدول أن الفلسطينيين يدافعون عن أرضهم وقدسهم، وحقهم المشروع بدولة مستقلة قابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية، وإنما هم إرهابيون ومعتدون، ولا حقوق لهم طالما أن إسرائيل تنكر أن لهم الحق في الوجود.
* *
استكثر الرئيس الأمريكي ومستشارة كل من ألمانيا والنمسا، حتى الصمت على ما يمر بالفلسطينيين، استكثروا حتى الحياد، فراحوا يتسابقون ويتنافسون على إدانة الفلسطينيين، وعلى رفع الروح المعنوية لدى الإسرائيليين، فيما لا تتعدى مواقف الدول الأخرى الطلب لدى الجانبين بالتهدئة وإيقاف القتال، فقط لتسجيل مواقف لا قيمة لها، طالما أن إسرائيل لا تلقي لها بالاً، ويصر نتنياهو على الاستمرار في عدوانه إلى أن يحقق جميع أهدافه التي لا نهاية لها.
* *
سؤالنا: ما قيمة مجلس الأمن إذا كان عاجزاً عن توجيه رسالة (ودية) وتمنيات من أعضائه لإيقاف هذا القتال الدامي، لأن أمريكا لا توافق على ذلك، إرضاءً لإسرائيل، وللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وما قيمة هذا التجمع الدولي إذا كان يتعامل مع الدول المنضوية إليه بمعايير مختلفة، وإذا كانت قراراته يتم إفشالها بصوت واحد، هو صوت الترصد الأمريكي الظالم لكل ما يتعلق بإنصاف القضية الفلسطينية، وإدانة إسرائيل.
* *
سؤالنا الآخر: وماذا بعد هذه الجولة وقد لفتت أنظار العالم مجدداً إلى الحقوق المهدرة للشعب الفلسطيني، وحرمانه من دولة يأوي إليها المواطنون الفلسطينيون في الداخل والشتات، وهل سيكون الفلسطينيون على موعد مع تحقيق هذا الحلم؟ أم أن إسرائيل وفي حماية الدول الكبرى - أمريكا على رأسها - سوف تماطل، لتستولي إسرائيل على المزيد من الأراضي والبيوتات الفلسطينية، ضمن توسعها باحتلال الأراضي في المدن الفلسطينية، وإحلال المستوطنين بها، وإقامة البؤر الاستيطانية بوتيرة أسرع، وصولاً إلى تهويد القدس وغير القدس، في مخطط استعماري ينفذ على مراحل، وعلى سمع العالم ونظره.
* *
ومع انتصارنا لكل عمل يقود إلى تحرير الفلسطينيين من هذا السجن الذي تطوقهم به دولة إسرائيل، فإننا نذكر تنظيمي حماس والجهاد، وكل من لف لفهما من الفلسطينيين في تخليهم عن عروبتهم، والتوجه نحو إيران وتركيا، أن هذا ليس هو الحل - ولن يكون - في إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة، وأن الخلاف مع السلطة الفلسطينية يضعف هذا الأمل، ويقوي القبضة الإسرائيلية، وربما حرم الفلسطينيين من أي حقوق مستقبلية، إن لم يتعلموا من الدروس والتجارب الحالية والماضية، فالانتماء العربي، ثم الوحدة الوطنية، هما مفتاح الحل لهذا الصراع مع إسرائيل، وهما من سيقود إلى تحقيق الأمل بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.