نزهة الإدريسي
قبل كل شيء يجب تحديد مفهوم الحضارة، فالحضارة باختصار تطلق على أي تجمع بشري يتميز بوجود طبقات اجتماعية متشابكة المصالح، وعلى رأسها نخبة حاكمة تدير وتنظم شؤون حياتها، عبر نظم وقوانين تمليها أفكار أو عادات معينة أو معتقدات، ويتسم شعبها بالاستقرار والثبات في أرضه، ويقوم بأنشطة تنموية من أجل ضمان حياة كريمة واستقرار دائم.
وتعتبر حضارة مصر القديمة أي الفرعونية من أهم الحضارات التي عرفتها البشرية، والتي ما زال العالم يحاول كشف أسرارها وحل ألغازها حتى يتسنى له الاستفادة منها أكثر، فقد فرضت نفسها في حياة الشعوب كمصدر إلهام لهم في مختلف مناحي الحياة.
فلا غروة إذن أن يهتدي بعض الناس سواء كانوا من عامة الشعب أو من نخبه الحاكمة، إلى استلهام بعض الأفكار واستنساخ بعض التجارب بالطريقة التي يمكن أن تفيد مجتمعات الحاضر.
منذ اليوم الذي أعلن فيه سمو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن مشروع «نيوم» والعالم اهتز من حوله من مستغرب إلى منتقد إلى ساخر.. دون أن يوفر هؤلاء لأنفسهم فرصة للتفكر أو التأمل.. ومن عجب أن نجد في مقدمة هؤلاء الأبواق منابر غربية مثل «ميدل إيست آي» البريطاني الموقع الشهير الذي ينقل عنه الكثير من المنابر الإعلامية. والذي تنذر بفكرة المشروع وحكم عليه بالفشل على غير عادة المنطق الغربي الذي يلهث دائماً وراء الجديد من الأفكار ويرحب بالمبادرات غير العادية حتى لو كانت محض خيال..!
سر أيها الأمير على نهج العباقرة وشيد صروحاً جديدة للحضارة.. تكتب بها وجودك على وجه الأرض وترصع بها مكانتك في سجلات التاريخ.. فما أحوجنا اليوم إلى العودة لحضن التاريخ، لحضن الطبيعة، لحضن إنسانيتنا.