د.بكري معتوق عساس
باختراع المحرك البخاري عام 1784م، انطلقت ثورة اقتصادية كبرى مثلت نقطة تحول تاريخية في بريطانيا كان من نتيجتها التحول من عملية الإنتاج اليدوي إلى الإنتاج الصناعي باستخدام الفحم كمصدر لتوليد الطاقة البخارية، فتحركت المصانع وتم مد خطوط السكك الحديدية وبدأ العالم بالتصدير وبذلك أصبحت بريطانيا من أغنى دول العالم في تلك الفترة التي أطلق ها الثورة الصناعية الأولى.
بعدها بمئة عام، بدأت الثورة الصناعية الثانية، رافقها الكثير من الاختراعات، كالكهرباء والنقل والكيماويات والحديد، وكان من نتيجتها، أن زاد حجم الإنتاج الصناعي وتوسعت خطوط النقل والتلغراف والسكك الحديدية في أنحاء العالم.
الثورة الصناعية الثالثة بدأت عام 1969م، وارتبطت بانتشار وتصنيع أجهزة الحاسوب المركزية والإنتاج الشامل بالكميات الضخمة وتقنية المعلومات والإنترنت ودخول الحواسيب في مجالات التصنيع والاتصالات والتعليم والطب.
الثورة الصناعية الرابعة بدأت نتيجة للتقدم الذي أحرزه الإنسان في تصنيع الذكاء الاصطناعي والإنسان الآلي وربط الأشياء ببعضها البعض عن طريق الإنترنت، وهو ما يسمى بإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة وتقنية الهاتف النقال والطباعة ثلاثية الأبعاد وتقنية النانو والعلاج بالخلايا الجذعية.
إن التنبؤ بفقدان الكثير لوظائفهم نتيجةً للثورة الصناعية الرابعة، أمر محتمل وجدي! فمن المؤكد أن بعض الوظائف ستختفي نهائياً خلال العقد الثالث من الألفية الثانية، حيث سيحل مكانها ما يعرف بـ»وظائف المستقبل»، وبحسب آخر الأبحاث فإن التكنولوجيا التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي ستسهم في اندثار الكثير من الوظائف الحالية بنسبة قد تصل إلى 50 %.
السؤال هو كيف سنُعّرِف العمل في ظل التقدم التقني؟ مخرجات الجامعات يجب أن تكون ذات تأهيل مختلف عن السابق، يجب أن يكون لدينا طبيب يعرِف الكثير عن البيانات؟ اختصاصي في الأحياء يعرف الكثير عن الطب؟ مهندس يعرف الأساليب التقنية الحديثة كالطباعة ثلاثية الأبعاد، يجب أن يكون لدينا خريج يحمل مهارات متعددة بجانب تخصصه؟ نا أن نخلق مساحة تتيح للطلاب من استخدام التفكير بدلاً من التلقين. نحن بحاجة لتم جديد، وتدريب جديد، نحتاج بشدة أكثر إلى مناهج جديدة فيها الكثير من الرياضيات والتكنولوجيا الرقمية التي لها القدرة على تغيير النتائج وتمكين الطلاب من خلق مناخ يساعد على الابتكار. نحن بحاجة لمعلم يقدم المادة بأسلوب جديد. نا جميعاً أسر، ومجتمع، ودولة، أن نتحمل المسؤولية لخلق غد مشرق لأجيالنا المقبلة.