عايض بن محمد العصيمي
حقيقة لامست الواقع في مقالة
أخي الاستاذ: سلمان بن محمد العُمري في زاويته «رياض الفكر» في جريدة الجزيرة، والمعنونة بـ: (تفوق الحفظة هل نعي الحقيقة؟).
كلام جميل بليغ لامس واقعاً يعيشه الحفاظ والمتميزون مع القرآن الكريم، وحقيقة أوافقه تماماً بكل ما كتب، لأني عايشت ذلك عن قرب، وأعرف حفاظاً كثراً للقرآن الكريم ليس بالقليل، يتوقدون ذكاءً في الذهن، وقوة في الحفظ، وطلاقة باللسان، وبراعة في الحياة، مرنهم حفظ القرآن الكريم بعد أن رباهم وسمى بأخلاقهم لمعالي الأمور للقوة والتركيز في حفظهم وذكائهم المتنوع.
تجلس مع أحدهم (الحفاظ): فتتعجب من قوة ومرونة وصلابة حفظه، وإتقانه للقرآن الكريم، ولحفظه، وذاكرته القوية التي يمتاز بها، وصل الحال ببعضهم أنه يحفظ القرآن الكريم برسمه وصفحاته وأرقام آياته، ويستحضر لك الآية المطلوبة بل ويستحضر الآية التي قبلها والآية التي بعدها، فضلاً عن أنه يكمل ما تريد له أن يكمل من الحفظ، دون أن يتلعثم أو يلحن أو يسقط حرفاً.. فسبحانك اللهم!
ولما تتأمل في حياة الواحد منهم (الحافظ للقرآن الكريم) تجد أنه مميز وناجح في أخلاقه وفي تعامله مع الجميع، وأيضاً هو ناجح في دراسته وتخصصه، ومجالات حياته التي يعيشها، والواقع (واقعنا) يشهد بذلك ؛ أن من حفظ القرآن الكريم كان موفقاً في دراسته العلمية والعملية، فتجده قد حصل على درجات عالية في دراسته واختباراته المتنوعة (الدراسية والتحصيلية والقدرات والقياس..)، وكذلك أيضاً في تخصصاتهم الجامعية إذ إن الحفظة للقرآن الكريم قد نالوا سبق الفوز بالتخصصات العلمية النادرة والمميزة كالطب والهندسة والتخصصات العلمية الدقيقة ذات المستقبل المرموق.
وهذا كله من بركة هذا القرآن الكريم الذي يحمله الحافظ في صدره، فتبارك له كل شيء مصداقاً لما أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه) فهذه خيرية له في كل شيء.. في: مكانته الاجتماعية ورفعته، أو بعقله الذي متع ورزق فيه طيلة حياته، أو بسعادته مع القرآن الكريم التي يعيشها.
اكتشفتُ: كما اكتشف غيري أن: حفاظ القرآن الكريم يكون لديه نشاط في الذاكرة، وفي الحفظ عجيب غريب!! إذ إن الحفظ لا يقويه إلا الحفظ.. ولكم أن تجربوا جميعاً: اجلسوا مع حفاظ القرآن الكريم وتأملوا كيف: يتحدثون ؟! وكيف يجيبون ؟! وكيف يستحضرون الآيات الكريمات؟!.. تندهش منهم بسرعة الجواب واستخراج الجواب من أسطر القرآن الكريم ! وكأنه محرك بحث للفظ الآية ونصها ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
أعرف بعضهم وصل به فرط الحفظ والذكاء أنه يكون له فضول حتى في حفظ كل شيء بواقعه، تجده يحفظ لوحات السيارات أو أرقام الهواتف والجوالات أو أسماء الرجال وألقابهم!
أعرف حافظاً للقرآن الكريم يعمل قائداً لثانوية يحفظ أسماء طلاب مدرسته الـ300 طالب رباعياً واحداً واحداً.. هذه قصة ليست من ضرب الخيال بل واقع موجود بيننا ! وعلى غرار هذه القصة فاستمع وتأمل تجد العجائب في ذلك.
أخيراً: أقترح أن يهتم بمثل هؤلاء النوادر والمتميزين من الحفظة، وأن يحتذى بهم، ويستفيد منهم الجيل، فهم القدوات الحقيقية لأبنائنا وبناتنا بدلاً من مشاهير الخيبة! الذين لا هدف لهم ولا رسالة ولا محتوى يقدمون سوى التهريج والسخرية!