م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - الفقد، خيبة الأمل، الخذلان.. ثلاثة مصطلحات اتفقت في النتيجة لكنها اختلفت في المعاني.. فالفقد فعل جبري ليس في يد الفاقد ولا المفقود فعل أي شيء حياله.. أما خيبة الأمل فهي فعل فردي يقع فيه أحد طرفي العلاقة.. الذي كان أحد الطرفين يعقد عليه الأمل دون اتفاق ملزم من الطرف الآخر.. بينما الخذلان شبيه بخيبة الأمل لكن مع التزام الطرف الآخر والإخفاق بتنفيذ التزامه.
2 - الفقد يقع بتأثير خارجي كالموت مثلاً، أو حكم طرف قوي على طرف ضعيف، أو ظرف قاهر.. وهو غالباً موجع لكلا الطرفين.. أما خيبة الأمل فهي أن تراهن على شخص أو شيء ما فلا يحقق لك ما راهنت عليه.. وهو موجع للطرف الذي راهن أكثر من الطرف الآخر.. وأخيراً الخذلان هو حالة متطرفة موجعة.. شبهها أحد الكُتَّاب بأنها كلجوء طفل إلى أبيه وهو يبكي طلباً أن ينتصر له فيصفعه أبوه لأنه يبكي.
3 - في الفقد نحزن ونصطبر.. وهو شعور بالحزن أكثر من الألم لذلك نتعايش معه.. وهو مثل كل حالات الحزن يبدأ كبيراً ثم يصغر حتى ننساه.. لكننا في كل حالات الفقد لا نغضب من المفقود أو نكرهه.. بينما في خيبة الأمل يطغى غضبنا على حزننا.. وإذا كنا نعذر المفقود فإن من أصابنا بخيبة الأمل يظل متهماً في نظرنا.. ونحس تجاهه بالاحتقار لأنه عجز عن تحقيق المأمول فيه.. ونحس برغبة في الابتعاد عنه وعدم المراهنة عليه مستقبلاً.. أما في حالات الخذلان فهذه أصعب الحالات.. فنبكي بصمت ونداري انكسارنا من خذلانه.. وإذا كان الإحساس تجاه المفقود بالرحمة وتجاه من خيب أملنا بالاحتقار فإحساسنا تجاه من خذلنا هو الكراهية.
4 - في الفقد يكون كلا الطرفين ضحية وكلاهما خاسراً.. ومشاعره واضحة المعالم محددة الملامح حاسمة النتيجة.. ويستقر الإحساس به في قاع القلب حيث يكون الحزن كثيفاً عميقاً جارحاً.. أما خيبة الأمل فهي حالة غريبة لأنها ليست حزناً ولا ندماً ولا غضباً لكنها مزيج من هذا كله.. وهي حالة تثبت أن الآمال التي عقدتها كانت أكبر ممن عقدتها عليه وأن تطلعاتك كانت أكبر من حجمه.. وتشير إلى سذاجتك وخطأ مشاعرك التي أطلقتها في فضاء مثالي وبشكل غير واقعي على من لا يحتمل هذا.. أما الخذلان فهو حالة مهينة تسد منافذ النور في النفس.. وينتج عنها اليأس القاتل أو النكوص والاستسلام لواقع ما بعد الأمل المخذول.. فالخذلان يترك ندوباً في الروح لا تُمْحى ولا تُنْسى.. لأن الخذلان لا يكون نتيجة عجز بل نتيجة فساد في الطوية لدى الخاذل وفساد في الرأي لدى المخذول.. فالخذلان هو نهاية غير سعيدة لتوقعاتنا في الأشخاص الذين نحبهم ونتوقع منهم الأفضل.