رمضان جريدي العنزي
البعض من الناس لا يعجبهم العجب، ولا الصيام في شهر رجب، يحبون النقد لمجرد النقد، لا يرون صوابك صواباً، ولا رأيك الهادف رأياً، لا يسلم من نقدهم لا حجر ولا شجر، لا بحر ولا يابسة، في كل مجلس يطاولون أعناقهم ويتطاير منهم النقد، ويتصورون أنفسهم أهل العلم والخبرة والمعرفة، هم الاقتصاديون والاجتماعيون والسياسيون والرياضيون والزراعيون والإداريون والصناعيون، هم التجار والسماسرة، وأصحاب المهنة والحرفة، هم المنظرون والفاعلون والعاملون، هم أصحاب الحضور والحظوة والهيبة والمكانة والوجاهة، أعمالهم وأفعالهم كاملة، وأعمال وأفعال غيرهم ناقصة، كل شيء عندهم يتشح باللون الرمادي، لا يرون سوى السلبيات، ويتعامون عن الإيجابيات، يضعون الأحكام بناء على المواقف، دون محاولة التحليل والبحث والتقصي والتحري، مثل الصبي الصغير المتخلف، مهما تحاول إقناعه بخطأه لا يعيرك اهتماماً ولا يلتفت إليك ولا يحاول تعديل سلوكه، متفلسفون ومتحذلقون وعندهم الذات عالية والنرجسية كبيرة، يصنعون البهت والترهات، ويجيدون تأليف الروايات الباهتة، ينمون ويذمون، همهم وشغلهم الشاغل الناس، أين ذهبوا، لماذا ذهبوا، ماذا جلبوا، كيف ناموا، ماذا اشتروا، وماذا باعوا، لا يعجبهم إنجازاتهم ولا أفعالهم، بل يحاولون تشويهها وإسقاطها، لا يكتفون بكل هذا بل يروجون عنهم ما ليس فيهم، هم الفاحصون والدارسون والباهرون والناجحون والباحثون، يثمنون جهدهم الواهن، ويجحدون جهد غيره الثمين، هؤلاء الذين لا يعجبهم العجب، إذا وجدوا ماء زلالاً لوثوه، أو برجاً شاهقاً أعابوه، أو حديقة غناء دمروها حتى لا تأخذ بألباب الناظرين، وإذا وجدوا رجلاً كريماً هجوه، أو نبيلاً انتقصوه، أو سعيداً أحزنوه، أو ضاحكاً أبكوه، يصبون جام غضبهم على الناس بلا هدف، فلا يرون فيهم أدنى خير جلبوه، ولا أي حسنة تسببوا بها، ولا عمل بر فعلوه، فهم في نظرهم يسيرون في دروب السوء، ودهاليز الظلام، وممرات التيه، وسبخ الملح، ودائماً الناس محل عيبهم وانتقادهم، يبحثون عن هفواتهم وزلاتهم ولا يشفعون لهم، أشخاص عدوانيون مستعدون دائماً للهجوم القاسي، والانتقاد اللاذع.