امتلأتْ الحجرة بالضجيج. حملتْ الأم طفلها الملفوف بالخرق إلى السرير. ظلت ترضعه نادبةً حظها وفاقتها.
أخذَ نفساً عميقاً من السيجارة وسحق عقبها تحت قدمه. وهو يخاطبها: سأتصرف.
دمدمت بتذمر: مثل كل مرة!
ذَبّ الذباب عن أنفه وهو يطحن الفكرة مع نفسه.
- أعدكِ، سأجلب الطعام.
حمل معه مصباحاً يدوياً.
لحقت به جلبة كلاب حتى نهاية الشارع. وصل المستودع؛ شدّ القفل بيده اليمنى وأدخل رأس المبرد في الرزة، حرك ذراعه عدة مرات حتى استجاب.
فتح الباب مواربة ودخل.
كان الممر مظلماً. راح يحرك المصباح يمنة ويسرة بحثاً عن صناديق المؤن. مشى بحذر حتى وصل، لفّ حاجته في لفافة وهم بالانصراف.
ظهر ظِلٌّ أمامه، قفز متخذاً وضعية التأهب.
- لن تخرج من هنا.
- أرجوك، دعني أذهب.
تشبث الحارس بدرفتي الباب، حاول المُعْسِر إزاحته جانباً. تعاركا حتى بدآ بفقدان قواهما.
زفر الحارس حنقاً، وثب على ظهر خصمه فسقطا معاً.
ثناثرت على الأرض حبات أرز وتدحرجت زجاجة حليب.
نظر كل منهما في عيني الآخر...
أفلتَ الحارس يده من قميص الأخير.
جمعَ ما سقط من لفافته؛ مجرجراً قدميه للخارج، يتحسس رعاف أنفه...
** **
- محمد علي مدخلي