امرأة فرعون لم تطلب الطلاق ويعقوب عليه السلام لم يتبرأ من أبنائه رغم أنهما في ضر وأذى لكنهما مارسا الحياة الطبيعية، ترى كيف مارسا الحياة؟
أحيانًا نظلم أنفسنا بأنفسنا حين نتعامل مع الأقارب المؤذين بكل ما أوتينا من شدة لننفعهم، وبآخر رمق منا لننقذهم، وهم دون جدوى ولا فائدة، وبلا مبالاة، ومحاولاتنا معهم كمحاولة إجراء تنفس صناعي لميت .! فلماذا نهلك أنفسنا؟
أذية القريب مصائب في مصيبة، سرعان ما يتسلل الأسى داخلنا ويسكن في خواطرنا، ويجلد في ذواتنا، حتى يتحول إلى يأس وإحباط، فنصبح مكبلين لا حيلة لنا، فكدرهم وهمهم يرافقنا ولا يكاد يفارقنا، ثم تأتي علينا لحظات ننهار! انهيارنا لأننا أقوياء أكثر من اللازم، هذه حقيقة انهيارنا، فهو يدل على حجم المشقة التي دبت في أرواحنا، لأننا تكبدنا مر العيش طوال العمر ونحن نتحمل أخطاءهم, عيوبهم ونقصهم، نصارع كي نقيل عثراتهم، ندافع كي لا يشمت أعداؤهم، نكافح كي يقفوا على أقدامهم، نحاول إصلاح أوضاعهم، وهم تعودوا علينا كقارب نجاة لهم، عند كل أزمة تواجههم، ونكتشف أن الزمن يمر وهم على دأبهم، ونحن مشغولون بهم عن أنفسنا، كم ظلمنا أنفسنا لم نعطها حقها ولم نقدر قدرها.
وأكبر ما يؤلم هو موقف الصادق ! لأن الصدق يجعلك تعتمد على أقوالهم والاعتماد يعطيك جانب الاطمئنان فتصدقهم، وتذهب وأنت مطمئن وإذ بالحقيقة تقصم الظهر، وهذا ما يجعلنا ننهار لأننا صادقون أكثر من اللازم، لنا في يعقوب وامرأة فرعون عليهما السلام أسوة حسنة، فلنرفق بأنفسنا، ولنسمح لهؤلاء أن يكونوا على قدر مسؤولياتهم، لا نضخم ولا نحقر أحداً منهم، بل نعطي كل منهم على قدره، لا ضرر ولا ضرار، ولا نحمل همهم فوق طاقتنا، وأن نعيش الحياة التي اختارها الله لنا، ولنمارس أدوارنا التي ارتضاها الله لنا، موكلين أمورنا عليه، ولا ننس من علم الغصن اختيار العصفور!؟
** **
- مها النصار