المدينة المنورة - خاص بـ«الجزيرة»:
قال الدكتور عارف بن مزيد السحيمي أستاذ العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة إن اللاهثون خلف الشهرة فمآل فعلهم: نفرة الخلق منهم ولو بعد حين، ومصداق ذلك قول الله تعالى:{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}، وأن من ابتلي بهذا الداء فليراجع نفسه، وليعلم أن ما عند الناس ينفد، وما عند الله باقٍ.
وشدد الدكتور عارف السحيمي في رسالة قدمها للباحثين عن الشهرة أن همكم كسب الجماهير والتطلع لمحبة الناس لكم، وما علمتم أنَّ الفرار من داء: موجب لمحبة الخالق للعبد، ومحبة الخلق لأهل الفرار من الشهرة؛ فعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الله يحب العبد التقيّ الغنيّ الخفيّ) رواه مسلم.
والخفيُّ: هو الذي إذا حضر لم يُعرَف، وإذا غاب لم يُذكر، فليس من أهل الشهرة والمعرفة، والفرار من الشهرة دأبُ عباد الله الصالحين، ومن الشواهد على ذلك: ما جرى لأويس القرني -رحمه الله- فإنه قد صحَّ الخبر بفضله ومع ذلك لما لقي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال له عمر بعد استغفار أويس له: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: (أكون في غبراء الناس أحب إلي) رواه مسلم، ومنها أيضًا: قول الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- عن نفسه: (أريد أن أكون في شِعب بمكة حتى لا أُعرف، قد بُليت بالشهرة) سير أعلام النبلاء، (216/ 10).
وأكد الدكتور السحيمي أن الفرار من الشهرة أمارة على صدق وإخلاص العبد، ومن كان هذا حاله فيُرجى أن يرتفع شأنه بين الناس دون أن يبحث عن العلو والرفعة، ولما ذُكِر للإمام أحمد -رحمه الله- الصدق والإخلاص قال: (بهذا ارتفع القوم) طبقات الحنابلة، (147).
واختتم السحيمي حديثه قائلاً: نعوذ بالله من فتنة القول والعمل، ومن أمراض القلوب ومن كل ما يباعدنا عن ربنا، إن ربي سميع مجيب.
** **
- د. عارف السحيمي