خالد بن حمد المالك
بدأت إيران تنال ما تستحق من عقاب على جرائمها؛ فها هي الآن، ومنذ بعض الوقت، بين حرائق في الداخل، أو مطاردة لبواخرها في البحر، وإلحاق الضرر بها. أي إننا أمام حركة عكسية؛ فبينما كانت يداها - وما زالت - تصل إلى كل مكان، مُحدثة جرائم غير مبررة، وإخلالاً بالأمن لا سبب له، ها هي تكتوي الآن بالأفكار والممارسات نفسها التي كانت تمارسها ضد الآخرين.
* *
لقد ظلت منذ ثورة الخميني، وعلى مدى أكثر من أربعة عقود، تعتقد أنها في مأمن، وأن يدها طويلة، وقادرة على الوصول إلى أهدافها، وعمل ما يشفي غليلها من إرهاب وتدمير وقتل، فإذا بها تشرب من الكأس نفسها، وتتعرض من يوم لآخر إلى استهداف المواقع الاستراتيجية داخل إيران، ومثل ذلك مطاردة بواخرها التي تحمل أدوات تنفيذ جرائمها الإرهابية وتفجيرها.
* *
إيران دولة مارقة، ونظام الملالي يعتقد أنه قادر بماله وسلاحه ووكلائه في عدد من دول المنطقة على إحداث التغيير لصالحه، وزيادة رقعة التشيع، فخسرت إيران المال، وعلاقاتها الدولية بالعالم، وأصبح الشعب يعيش في وضع اقتصادي مُزرٍ؛ فالبطالة بازدياد، والتضخم في أعلى المستويات، والفقر والجوع والعوز لا تحتاج إلى دليل، وما زالت تسير من سيئ إلى أسوأ.
* *
وكان يمكن لإيران أن تكون في وضع أفضل؛ فهي دولة نفطية، وتتمتع بموقع استراتيجي مهم، وإمكانات كبيرة، لكنها أبت إلا أن تكون دولة عدوة لجيرانها، وصديقة لكل من يفسد علاقاتها بدول الجوار، وامتدادًا لدول العالم، بينما الشعب الإيراني يتضوع جوعًا، ويعيش تحت خط الفقر، ولا يملك ما يفعله وهو يرى ثروة البلاد تبدَّد على مؤامرات لا فائدة له منها، دون أن يفعل شيئًا أمام جبروت النظام البوليسي الحاكم.
* *
لقد عانى النظام الإيراني ما عاناه بسبب سياساته، وظل عاجزًا عن إحداث أي اختراقات للعودة بإيران لتكون دولة تتمتع بما تتمتع به الدول الأخرى؛ لأن هذا النظام يعتمد في سياساته على أجندة تقيّده عن أن يغير في مواقفه، ولا تسمح له بأي اختراق يخالف المعتقد المتخلف الذي قامت عليه ثورة الخميني عام 1979م؛ بما يجعل إيران أمام انتكاسات جديدة ومتواصلة حتى وإن أظهر نظام الملالي شيئًا من الليونة أمام الضربات الموجعة لأمنه واقتصاده، وهزائمه المتكررة.
* *
إنَّ تعرُّض منشآت إيران الاقتصادية ومفاعلها النووي للتفجيرات التي تتوالى، وملاحقة بواخرها في البحر، وعجز قواتها التي تباهي بها عن منع وقوع هذه الأضرار وتكرارها، يُظهر حاجة البلاد إلى إعادة النظر في سياساتها ومواقفها، بما يضمن لها السلامة، ويوفر لها الأجواء؛ لتكون دولة تُحترم، ونظام يتم التعامل معه باطمئنان، ودون ذلك فإنها ستكون أمام مستقبل مظلم، أو كما يقال في الأثر الشعبي (من حفرة لدحديرة). وأعتقد - إن استمر هذا - أن خيارها أن تكون في أعماق الحفر لتُدفَن فيها.