على امتداد مساحتها في الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية تحوي منطقة الحدود الشمالية عدداً من المواقع التراثية المختلفة في تنوعها الجغرافي والثقافي والتاريخي.
حيث تقع في منطقة الحدود الشمالية العديد من المواقع الأثرية التي تعود إلى عصور ما قبل الإسلام، في عرعر وطريف تتمثل في الأساسات الجدارية من قصر دوقرة، وفي رفحاء التي كانت محطة للحجيج، والمواقع الأثرية في لينة وكذلك في لوقة وقرية زبالا التاريخية.
وتوثق جبالها جانباً من الحضارات التي استوطنت المنطقة من خلال الرسوم والكتابات الصخرية.
وتعد المنطقة معبرًا للتجارة والحجاج منذ مئات السنين، ومساراً للعديد من الأحداث والملاحم التاريخية، كما كانت ملتقى للعديد من الحضارات في المنطقة باعتبارها بوابة الجزيرة إلى بلاد العراق والشام، لذا فهي تضم الكثير من الآثار التي تعبر عن تاريخ من سكنوا هذه المنطقة في فترات متعددة.
ومن أبرز المواقع والمعالم التراثية في المنطقة:
قرية زبالا التاريخية
تقع قرية زبالا - بضم الزاي وفتح الباء - جنوب محافظة رفحاء في منطقة الحدود الشمالية بمسافة تقدر بنحو 25 كم، وتعتبر من القرى الغنية بالآثار، وأبرزها البئر الذي يأخذ شكلاً مربعاً وهو منحوت بطريقة مميزة، والقصر الأثري الذي لم يتبق منه الآن سوى جدرانه وأكتافه والمدينة السكنية المحيطة به، ويضم الموقع بركاً عدة، كما يوجد فيها الكثير من الآثار من أهمها حصن زبالا وهو يقع في شرق القرية وهو معلم سياحي جاذب للزوار والمتنزهين.
ويقول المؤرخون عن قرية زُبالا: كان فيها سوق عظيمة يأتي إليها التجار من كل مكان وبها قصر وبناء السلطان في ذلك العصر، وتدل آثارها على قيام مدينة إسلامية كبيرة في ذلك الوقت، ويرجع اسمها إلى أن الذي حفرها يدعى زُبالة بن الحارث من المعاليق.
موقع دوقرة الأثري
يوجد موقع دوقرة «دوقرا - الدوقرية» على بُعد 40كم شمال غربي محافظة طريف، ومنها 13كم على الطريق العام المعبد، و27 كم داخل الصحراء، على الحافة الغربية من خبراء دوقرة المغطاة بالشجيرات؛ ومن أشهر المعالم الطبيعية المميزة لهذا الموقع الأثري: جبل يعرف باسم «أقرن» يقع إلى الجنوب الغربي من دوقرة.
وهو من المواقع الأثرية المهمة؛ بسبب العثور على دلائل مادية أثرية تشير إلى استيطانه منذ العصور الحجرية، واستمر الاستيطان في الموقع خلال فترات متأخرة من العصر الروماني «في القرن الثاني - القرن السادس الميلادي»؛ ولم يتوقف الاستيطان بالموقع عبر الفترات التاريخية؛ حيث استمر النشاط العمراني فيما بعد حتى خلال فترة العصر الأموي.
أعلام درب زبيدة
تعد أعلام «درب زبيدة» الأثري بمحافظة رفحاء من المعالم الأثرية والتاريخية البارزة في المنطقة.
وهي عبارة عن مبانٍ وحصون حجرية لحماية الحجاج والمسافرين ممتدة على مدار الدرب.
ويعود تاريخ «درب زبيدة» إلى عصور ما قبل الإسلام، وزادت أهميته مع بزوغ فجر الإسلام عندما أخذ في الازدهار بدءًا من عهد الخلافة الراشدة والفترة الأموية، وبلغ ذروة ازدهاره في عصر الخلافة العباسية الأول، حيث أنشئت عليه المحطات والاستراحات، وتم تزويدها بالآبار والبرك والسدود والقصور والدور والخدمات المتنوعة.
ولا تزال أطلال الدرب باقية إلى يومنا الحاضر كقيمة ثقافية وحضارية عريقة في التاريخ الإسلامي.
ويقطع «درب زبيدة» أراضي محافظة رفحاء من الشمال إلى الجنوب، وتنتشر على طوله العديد من المواقع والمنشآت الأثرية من: الآبار والبرك.
الركامات والدوائر الحجرية في وادي بدينة
يزخر وادي بدينة بالعديد من الآثار من أبرزها الركامات والدوائر الحجرية في وادي بدينة التي تعود للعصر الجاهلي، كما تتواجد هذه المنشآت الحجرية في شعيب أم الريلان والخشيبي، وكذلك في موقع دوقرا غرب محافظة طريف والتي لا تزال أساساته العملاقة ماثلة للعيان، وآبار لينة جنوب محافظة رفحاء.
قصر الملك عبدالعزيز في لينة
يقع قصر الملك عبدالعزيز التاريخي بقرية لينة، والتي تبعد عن محافظة رفحاء باتجاه الجنوب 100كم، حيث تحتل قرية لينة موقعاً استراتيجياً لوقوعها بين منطقة حائل والحدود الشمالية، كما أنها تقع بين نفود الشمال ومنطقة الحجرة، وهي من المناطق التي يرتادها الكثير من محبي السياحة البيئية ولوجود العديد من الأماكن الجميلة التي تحيط بها فمن الشرق والجنوب توجد النفود بكثبانها ورمالها الذهبية الجميلة التي تجذب الكثير من محبي الرحلات البرية، خصوصاً في الشتاء أما من الشمال فمنطقة الحجرة التي تزينها الوديان والرياض الجميلة التي تكثر فيها أشجار السدر والطلح التي تعطي جمالاً لهذه الوديان والرياض وتأسر كثيراً من السياح ومحبي النزهات البرية.
ويعتبر القصر شاهداً تاريخياً لمنطقة الحدود الشمالية لما يمثله من تصميم يجمع بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر، حيث أنشئ بعد توحيد المملكة ليكون مقراً لإمارة المنطقة في السابق من قبل الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ووجود القصر في وسط القرية وضخامته يعطي انطباعاً تاريخياً مهماً عن تلك الفترة.
قصر الإمارة القديم في عرعر
قصر الإمارة القديم في عرعر يعتبر من أقدم القصور الموجودة في المملكة العربية السعودية حيث إنه من القصور القديمة الأثرية التي تم تصميمها بشكل مميز، وقد تم تقسيم القصر إلى عدة غرف مختلفة الاستخدام منها الغرف المخصصة للنوم و أيضًا الغرف التي تم بناؤها من أجل استقبال الضيوف؛ وقد أمر الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود ببناء قصر كبير حتى يتمكن الأمير الذي يحكم مدينة عرعر من الاستقرار به.
وقد استخدمت في بناء القصر مجموعة معينة من أحجار الجبال المميزة، وهذا القصر يعتبر من القصور الكبيرة المساحة التي بها الكثير من الحجرات المقسمة على الجهات المختلفة من الشمال والشرق والجنوب؛ وتلك الحجرات مقسمة بطريقة جميلة تنقسم فيما بينها بحواجز.
ويحوي القصر فناء كبيراً تطل عليه الغرف.
محطات خط التابلاين
نظراً لطول المسافة التي يقطعها خط أنابيب التابلاين من شرق المملكة وحتى البحر المتوسط في الغرب والتي كان من الصعب أن يجري النفط خلاله بسرعة واحدة، الأمر الذي حتم على القائمين بأعمال الخط إنشاء محطات ضخ لتقوية جريان النفط عبر الأنابيب في الأراضي التي تقطعها، فشيدت شمال المملكة عدة محطات للضخ رئيسة وفرعية وهي من الشرق إلى الغرب (القيصومة، الشعبة، رفحاء، العويقيلة، عرعر «بدنه»، حزم الجلاميد، طريف).
ويعد خط أنابيب النفط «التابلاين» من أهم معالم التراث الصناعي في المملكة، ويمتد من شرقي المملكة إلى شمالها، وقد بدأ إنشاؤه عام 1948م بأمر من الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه - وما تزال بقايا الخط شاهدة على بدايات الصناعة النفطية في المملكة.
نشأت حول مراكز المضخات مدن حضارية أسهمت في حركة توطين البادية التي بدأها الملك عبدالعزيز بصفتها إستراتيجية وطنية مهمة في تدعيم الدولة وإنمائها، ومن تلك المدن «عرعر « المركز الإداري للحدود الشمالية التي اكتسبت اسمها من الوادي الذي تقع عليه، كما أنشئت سينما مسائية متاحة للعاملين في التابلاين والسكان، ومكتبة عامة، ومطاعم غربية.