العقيد م. محمد بن فراج الشهري
الكل يدرك ويعلم سلبيات الأمم المتحدة مع العديد من القضايا المهمة، ومتابعتها فقط للأمور الهامشية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وكثير من الدول تجرَّعت الألم والحسرة بسبب تراخي الأمم المتحدة، وعدم جديتها في حل كثير من القضايا الدولية التي أقلقت المجتمع الدولي بأكمله وهيمنة الدول الكبرى على كل قراراتها وكأنها تعمل لهذه الدول فقط، أقرب الأمثلة على ذلك قضية فلسطين التي أكل عليها الدهر وشرب، وهي لا زالت محلك راوح.. تُرك اليهود يعبثون في كل شبر من فلسطين دون رادع. هجّروا السكان، احتلوا مبانيهم، اعتدوا على مزارعهم، دنسوا الأقصى بتدخلاتهم المستمرة، الضغط المتواصل على السكان من الفلسطينيين ومحاولة إجبارهم على مغادرة أملاكهم بالقوة وهيئة الأمم المتحدة لا تعدل ولا تبدل.. تكتفي بالاستنكار، والشجب، وأحياناً أخرى تسحب استنكارها وشجبها.. الأمر الآخر والأخطر في الآونة الأخيرة ما نشرته جريدة الشرق الأوسط في عددها الصادر يوم الأحد 30 مايو 2021م حيث أفادت بأن الحكومة العراقية طلبت توضيحاً من المبعوثة الأممية في بغداد (جنين بلاسخارت) لما وصفته بأدوار لها (خارج السياقات القانونية) تزامنت مع حادثة اقتحام المنطقة الخضراء من قبل مسلحين تابعين لـ(الحشد الشعبي) الأسبوع الماضي. وكشف مسؤول عراقي رفيع للشرق الأوسط أن بلاسخارت (أجرت لقاءات مع مسؤولين عسكريين، سبق أن أصدروا أوامر لاقتحام المنطقة الحكومية لإطلاق سراح القيادي في الحشد اللواء قاسم مصلح). وأكد المسؤول الحكومي أن «لقاءات بلاسخارت الأخيرة جرت دون تنسيق مع الحكومة العراقية، كما أنها شملت قيادات عسكرية رفيعة، على صلة مباشرة بأحداث 26 مايو الحالي). وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها بلاسخارت إلى انتقادات حادة، إذ واجهت العام الماضي اتهامات من قبل قادة للحراك الاحتجاجي بلعب دور ضعيف في مواجهة القمع الذي واجهوه منذ أكتوبر 2019م، وقبل أيام نظم عراقيون مقيمون في العاصمة البلجيكية بروكسل وقفة احتجاجية، للمطالبة (بكشف قتلة المتظاهرين، مطالبين بفرض رقابة على بعثة «يونامي» في العراق وتغيير طاقمها.. والسؤال هل الأمم المتحدة متواطئة مع القتلة ومليشياتهم الذين ينحرون أبناء العراق في كل شارع بطرق متنوِّعة لا تخفى على الأمم المتحدة وغيرها؟! إذا ثبت ذلك فقل على الأمم المتحدة السلام.. فهي تبرهن على عدم قدرتها على مساعدة من يحتاجون إلى المساعدة ومندوبيا تمتد أيادي الفساد لهم وما رأيناه في اليمن يكفي لتتضح لنا صوره، خيبة الأمم المتحدة ومواقفها المنحازة للشر وليس للغير وجرائم الحوثيين في اليمن ستبقى عار وأي عار في جبين الأمم المتحدة، وكذلك في فلسطين، والعراق، وسوريا، ولبنان، وليبيا، ودول إفريقيا الأخرى المنكوبة، وأفغانستان، وحدث ولا حرج الأمر يحتاج إلى دراسة وضع هيئة الأمم المتحدة لمعرفة ما هي واجباتها وكيفية الأداء المطلوب. أما أن تظل على هذه الحالة فقد أصبحت عالة على المجتمع الدولي، ولا خير يرجى منها ولا من بعثاتها ولا من مندوبيها، فهي عبء على المجتمع الدولي، ولم نرها تحقق فائدة تذكر في صالح الشعوب المنكوبة، ومحاربة الفقر والعوز، والتدخلات العشوائية، وترك الأمر لشواذ المجتمعات الدولية يسرحون ويمرحون كما يريدون.. ليس لها هيبة وقراراتها مسجونة وصوتها مخنوق، ولم تجد الدول المتضرّر منها أي خير..