د. محمد عبدالله الخازم
يختلف العمل الجامعي عن الشركات بكون قراراته تُتخذ عبر مجالسه الأكاديمية والجامعية وعليه فإن قوة وكاريزما وأخلاقيات القيادة الأكاديمية تبرز من خلال اجتماعات المجالس واللجان الأكاديمية والعلمية بأنواعها: مجالس الأقسام، الكليات، الجامعة، الأمناء، شؤون الجامعات، وما في حكمها. نلحظ تداول مفردات التفكير الناقد، الشفافية، النزاهة والتعبير عن الرأي وقبول الرأي الآخر في التعليم. ويأتي السؤال: هل نحن نطبق تلك المفردات والقيم في عملنا كقادة قبل أن نحاضر بها لطلابنا؟ بمعنى هل نمثل القدوة في تطبيق ما نعلمه؟
رصدت بعض ما يتم في المجالس المشار إليها أعلاه، فوجدت في بعضها سلبيات مثال:-
* جدول الأعمال حق للأعضاء الحصول عليه قبل وقت الاجتماع بزمن كافٍ. هناك مجالس تحضرها دون جدول أعمال مسبق وكأنك ذاهب إلى ديوانية شعبية وليس مجلسًا علميًا ومهنيًا وإداريًا متميزًا سيناقش مواضيع تتطلب التحضير والنقاش العلمي الجاد. كأنهم لا يريدون نقاشًا علميًا وإنما الحضور الشرفي فقط.
* الاجتماعات يجب توثيق مداولاتها وإتاحة إبداء الرأي لجميع الحضور دون ضغط أو حجب مباشر أو غير مباشر من رئيس الاجتماع. القاعدة هي «لكل فرد الحق في قول رأيه وللفرد الالتزام بما يراه الغالبية». بمعنى، لا يجب منع الرأي وإنما التصويت عليه والقبول برأي الأغلبية. هذه قاعدة أساسية في إدارة الاجتماعات والمجالس، وشعور الفرد بأن رأيه يسبب له الضرر يعني صمته، ويعني ضمناً تواضع إدارة المجلس وتميزها بعدم قبول الرأي الآخر.
* محضر الاجتماع يعني توثيق ما دار فيه ويحق لكل عضو حضره التأكد من ذلك الأمر، لأنه وثيقة قانونية توقيعه عليها يعني موافقته على ما فيها من تفاصيل. من أبرز الممارسات التي لاحظتها في أكثر من جامعة هي التوقيع على ورقة في بداية الاجتماع ترفق لاحقاً مع المحضر باعتبارها موافقة الأعضاء على ما دوّن في المحضر. هذه الطريقة تقود إلى تفرد رئيس المجلس بكتابة ما يشاء في المحضر حتى ولو كان مخالفاً لما دار في المجلس من حوار. لذا تجد محاضر الاجتماعات «وافق وأقر» وكأن الجميع على رأي واحد وليس هناك اختلاف في الرأي.
* بعض المجالس في بداية العام تفوض رئيسها بأغلب أعمال المجلس وهذا أمر وارد في فترات الإجازات وحالات الطوارئ، لكن التفويض المطلق يقلل قيمتها وأهميتها، ويحول اجتماعاتها لجلسات اجتماعية للاطلاع على ما قرره رئيسها. هناك حكمة نظامية في إحالة تلك المواضيع إلى مجالس متخصصة أو مجالس عليا، والتفويض يخل بذلك.
أمام الممارسات أعلاه لم يعد بعض الأعضاء مهتمين بمجالسهم ولا بالنقاشات الحرة الشفافة فيها ويتم تقليص اجتماعاتها إلى الحد الأدنى، حتى أننا نرى جامعات لا تعقد أكثر من اجتماع واحد لمجلسها في العام، من باب الضرورة البيروقراطية.