علي الصحن
في معظم البرامج الرياضية، وفي الكثير مما يتداول في منصات التواصل الاجتماعي، يتحدث البعض عن إنجازات الهلال وبطولاته المتوالية بنوع من الغيرة، والرغبة في توقف عجلة الإنجازات الزرقاء، وبعضهم يتساءل لماذا لا يتراجع الهلال، أو يشير إلى أن استمرار سيطرة الفريق على الألقاب ستكون سبباً في تراجع الفريق، فيما يظهر رأي غريب يقول إن إدارة النصر السابقة حققت نجاحات متتالية بحصولها على كأسي سوبر، وأنها كانت قريبة من كأس الملك، ووصلت إلى نصف نهائي القارة، فيما يتساءل صاحب الرأي نفسه عن إدارة الهلال وماذا حققت حتى تحصل على كل هذا المديح، وهنا لست بصدد مناقشة مثل هذه الآراء فهي لا تقدم ولا تؤخر ولا تغير ولا تؤثر، ولكن أتحدث عن الغيرة التي يعيشها من يتداول مثل هذه الأفكار من نجاحات الهلال، ومنهم من يقول لن أبارك للفريق، أو أنه حقق بطولة ضعيفة محاولاً أن يسوق جملة من المبررات لتأكيد ضعف الدوري، دون أن يسأل نفسه، لماذا لم يحقق فريقه المفضل اللقب؟ وكيف سيكون ترتيب هذا الفريق لو كانت النسخة أقوى مما يرى؟
في علم النفس فإن الغيرة أنواع، منها الغيرة الحميدة (الغبطة) وهي أن تراقب الآخر وتقدّر إنجازاته، وتحاول التعلم منه ومحاكاته، والتعرف على أسباب نجاحه حتى تكون مثله.
ومنها الغيرة العدوانية وهي ما يجعل الشخص يحس بالغضب على نجاحات الآخرين ويسعى للتقليل منهم ويتمنى رؤيتهم وهم يفشلون في المستقبل، وربما اكتفى بفلسهم عن نجاحه، لإحساسه بأنه ليس الفاشل الوحيد على هذه الأرض.
والنوع الثالث هو الغيرة التي تصيبك بالاكتئاب بسبب نجاح الآخرين، وإحساسك بأنك أقل مرتبة منهم، ويظل شعور الفشل ملازماً لك غير قادر على التخلص منه.
في النهاية لن تغير الغيرة من الواقع شيئاً، وعندما يجلس الشخص في (الركن البعيد الهادي) ويفكر ملياً سيجد أن رأيه وغيرته لن تغيرا من الواقع شيئاً، وأن الضغينة التي قد تكون في داخله على الآخر لن تكون سبباً في تراجعه، وأنه الخاسر الوحيد من مشاعره وأطروحاته البالية، وأن كل ما يقوله اليوم قد سبقه إليه غيره بالأمس وقبل الأمس وقبل أعوام، فماذا حصل، بقي المتحدث يدور في حلقته، وبقي البطل باحثاً عن المزيد من الألقاب والإنجازات، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح، وقد قال الشاعر:
«لله در الحسد، ما أعدله // بدأ بصاحبه فقتله»
هنا أتمنى من البرامج الرياضية أن تحاول أن تقدم ما ينفع الناس ويثري الشارع الرياضي، وأن تناقش الأمور بعقلانية وروية، وأن تستضيف من المتخصصين والنابغين من يسهم في هذا الجانب، فقد ملّ الناس من هذه البرامج ومحتواها وما تقدمه، ومن طريقة النقاش التي لا تتغير فيها، دون أن تغير من الواقع شيئاً.
في النهاية: الهلال هو البطل وهو صاحب الأرقام القياسية، وصاحب الأولوية في كل شيء، ولو تحدثت تلك البرامج وضيوفها طوال وقتهم، ومن خلال صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وحاولت التقليل من البطل وغير البطل، فسيذهب كل حديثهم مع أدنى هبة ريح، والأفضل لهم أن يبحثوا عن شيء آخر (يسولفون عنه) قبل أن يتجاوزهم الزمن إن لم يكن ذلك قد حدث فعلاً.