أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: شَدْوِيْ بالحبِّ أهديه إلى سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك (سلمان بن عبدالعزيز آل سعود) أيده الله تعالى، ولا مبالغة فيما قلت؛ لأنني أسير فضله مادياً ومعنوياً، وما قلت في سيدي إلا القليل مما أعرفه عن مآثره وأفضاله عليَّ؛ فقد لازمته لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً، كنت معه إن كان مقيماً، ومسافراً معه إن سافر؛ وإليكم نص القصيدة:
أهاب بها من بالثَّناء جدير
جمال محياها المليك الشهير
فلبَّت قوافٍ راقَها مجدُ سيدٍ
وتيَّمها أنَّ الفؤاد أسير
وأنَّي لها زيف وذكرك عاطرٌ
وفعلك أجْلى ما عليه سُتور؟!
فشر الورى الظَّلَّام وهو ممدَّحٌ
وشر الألى من قوله فيه زور
قال أبو عبدالرحمن: فيه: أي في الظلام
وخيرهم المفضال وهو محسَّدٌ
وشر المعاني أنْ يضاع شكور
رأيتَ فضولاً من مؤرخِ هفوةٍ
فطرسك من نورٍ عليه سطور
وأخلاقك الغرَّاء تنطق ألسناً
فيزكو جناها نظمها والنَّثير
إذا شاعر أهدى إليك مديحَهُ
على أنه فن ودر نضير
فأنت الذي بالحب أبدعتَ شاعراً
وبالجود طابت من نداك البذور
قال أبو عبدالرحمن: معنى ذلك أنه فجّر موهبة الإنسان العادي بحلو شمائله، فكان شاعراً؛ وإذ عرف وجه المجاز فلا مجال لمؤاخذة العبارة شرعاً.
وهذي رياض الملك أنت مليكها
بعهد الصبى حتى علاك قتير
قال أبو عبدالرحمن: القتير: الشيب
ليشهد هذا الإلف أنك فخرها
وأنَّ مليكاً يرتضيك خبير
قال أبو عبدالرحمن: المراد الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى
أجل أنت يا سلمان إنسانُ عينِها
ورونَقُها الزَّاهي وصوت جهير
تحل أموراً مُدْلَهِمٌّ مصابُها
وتهدي لرشد إنْ عَدَتْ وتشير
قال أبو عبدالرحمن: معنى (عَدَتْ) تجاوزته إلى المرجع السامي
هلالاً يكون البدر أو في مُحاقِهِ
ووجهك بالإشراق دوماً منير
كأنَّ أبا فهدٍ وكيلُ مكلفٍ
بذي العسر حتى لا يكون فقير
قال أبو عبدالرحمن: (يكون) هنا تامة ما بعدها فاعلها وليس لها خبر.. وكان الشطر الأول هكذا: كأن أبا عبدالعزيز مكلف.. ثم علمت أنَّ النجل الأكبر سمو الأمير فهد؛ فغيرت الشطر.
له من ذوي الغلواء وثبةُ فاتِكٍ
وحسٌّ على العورات عف غيور
يسيرُ على نهج عليه جُدودُنا
مليكٌ يسير النصرُ حيث يسير
فكم من خطوب فاغراتٌ فتوقُها
سحيقاتُ بؤسٍ ليس فيهنَّ نور
فضاءت بصبح شارق من جبينه
ورتَّقها حِلمٌ ورأيٌ خمير
وأدَّى حقوق الشعب فهو أمينه
وساس سرير الملك فهو وثير
له في قلوب الشعب أقصى مهابة
دليلي عليها أعين وصدور
ففي العين إغضاء وأنت جمالها
وفي الصدر إفعام وأنت الضمير
عجبت لشعر مال للهزل طائعاً
وتاريخهم نفح الشذا وعبير
إذا استُصرِخوا كانوا كبحرٍ مُزَمْـجِرٍ
وشطآنه موجٌ عتا وزفيرُ
على قمة الجوزا حلولاً مقامهم
(وسيراً) فهم للمُدْلِـجِينَ بدور
لقد توَّجوا مجداً بإجلال شعبهم
وبالحبِّ دامت في القلوب وُكور
سلكتم لنا سبل المفاوز نزهةً
على كل درب مُسْعِدٌ أو مُـجِيْرُ
قال أبو عبدالرحمن: وصلت إلى نهاية العقد الثامن، ومن تلك العقود عقد ونصف عقدٍ هما عهد الحلم، وما بعدهما روضة التحصيل العلمي، وما أعلم أنني مدحت أحداً في حياتي بشعرٍ، أو نثرٍ سوى قصيدة نونية مدحت بها سماحة الشيخ (عبداللطيف بن إبراهيم بن عبداللطيف الأزهري ابن عبدالرحمن بن حسن بن الإمام محمد بن عبدالوهاب) رحمهم الله تعالى وأحسن إليهم لما زار أبناءه بمعهد شقراء العلمي وكنت أحدهم.. وكنت موافقاً لطلائع الأدب الحديث في استهجان شعر المديح الذي هجوته بعنوان: (الضحك على الأذقان) في أحد كتبي إلا ما كان مدحاً للخصائص الخلقية، أو عطاء الموهبة كمدح شهم، أو طبيب، أو مخترع، أو أي مدح لا يذله الاستجداء.. ثم طعنت في الكهولة فرأيت أشخاصاً يجبُ الثَّناء عليهم والإشادة بهم في عصر النكران ومرض القلوب بدسيسة الأجنبي.. وجمال القصيدة الرائية أن (سلمان بن عبدالعزيز) جبهة من جبهات عديدة أنجبها صقر الجزيرة، فأمنوا سبلنا، وجنبوا بلادنا ورطات الأمور بإذن الله تعالى، وهيؤونا للعمل النافع منذ الطفولة، وأغدقوا علينا فوق حاجة التعليم، فأخرجونا من عمى الجهل بإذن الله.. ولولا الله، ثم ذلك لبقينا على حِرَف آبائنا الساذجة الفقيرة الخاملة، ولم نشك ظلماً، ولم نجد في أمننا أمتاً، ولم نجد في رغدنا ورفاهيتنا بخساً.. ويحيط بنا من هو أخصب أرضاً، وأكثر موارد، وأغزر مياهاً جارية، ولكنهم يشتكون ظلم القيادة، وبخسها، ويعانون جور النظام والتشريع.
قال أبو عبدالرحمن: لولا خمول موهبتي الشعرية لصرفت بقية عمري للشعر في مثل تلك المواقف، ومن يترفع عن المديح في مثل هذه المواقف فلا رفعه الله؛ وإذا مدحت جبهة من جبهاتنا فإنما أمدح رمزاً لتحمل هويتنا بكل مقوماتها، وعَلم الله نيتي فجعل مديحتي الشعرية الأولى في الملك (سلمان) محل قبول ولله الحمد، وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى, والله المستعان.
** **
كتبه لكم: أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري - (محمد بن عمر بن عبدالرحمن العقيل) - عفا الله عني، وعنهم، وعن جميع إخواني المسلمين -