خالد بن حمد المالك
ضمن تهميش واضح متعمَّد منه للرئيس اللبناني ميشال عون، والتأكد مسبقًا من أن أي ردود فعل محتجة أو معارضة لن تصدر عن قصر بعبدا، أعلن أمين حزب الله حسن نصر الله بأن حزبه سوف يشتري البترول والمازوت من إيران، وأن البواخر المحمَّلة بالبترول الإيراني سوف ترسو في ميناء بيروت، وتساءل ماذا ستفعل الحكومة اللبنانية مع هذا الإجراء؟ وكأنه يقول: إنها لن تفعل شيئاً ضد ممارساته، بل إنه قال في تحد واضح: خلي الحكومة تمنع إدخاله!
* *
فالرئيس عون لا حول له ولا قوة، إلا بما يمليه عليه صهره جبران باسيل، فالأخير هو من يحكم فعلياً، أما القابع في قصر بعبدا فهو واجهة شكلية لقرارات تتآمر على لبنان، ويتضامن فيها حزب الله، والتيار الوطني الحر، ومن وراء الحزبين نظام الملالي في إيران.
* *
الرئيس الصُّوَري يعطِّل تشكيل الحكومة ولن يعطي موافقته إلا بشروط تمنحه حق اختيار بعض الوزراء وإلزام الرئيس المكلَّف بها، إلى جانب تمسكه بحق الثلث المُعطِّل، أي أنه يريد أن يكون الآمر الناهي في الحكومة، وأن يجمع سلطاته بين الحكومة والرئاسة، وبإملاءات جبران باسيل للرئيس عون يتم إفساد لبنان وإنهاكه والقضاء عليه.
* *
حسن نصر الله إذ يشتري البترول من إيران - لاحظوا من إيران!! - إنما يضيف بذلك صفقة جديدة تضاف إلى صفقات السلاح والمال مع إيران مقابل أن يكون لبنان جزءاً من الدولة الفارسية، كما صرَّح بذلك نصر الله في إحدى خطبه الرنانة، بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك فيطالب بفتح المجال لإيران للاستثمار، وتوقيع اتفاقيات معها لتكون مصدر لبنان في استيراد النفط والمازوت ضمن استثمارات في التنقيب عن النفط وبناء المصالح والشركات، وبالتالي زيادة تدخل طهران في الشؤون الداخلية للبنان.
* *
ولبنان الذي يسير بسرعة نحو الإفلاس، والذي لم يعد له أي تواصل حقيقي ومفيد مع أشقائه العرب -وتحديداً المملكة ودول الخليج- فَقَدَ الدعم المالي والعسكري والتضامن السياسي، وبدأت الآلاف من مواطنيه تفقد وظائفها في المملكة والخليج وتعود إلى لبنان، ليزيد ذلك من حجم البطالة، وتدني الاقتصاد، والفقر المدقع.
* *
الرئيس وحزب الله والتيار الوطني الحر يتحمَّلون مسؤولية هذا التردي الذي يمر به لبنان، فعون، ونصر الله وباسيل يشكِّلون جبهة معارضة لأي إصلاح، ويقودون حملة سياسية ضد التقارب مع الدول العربية، ويدافعون عن أن للبنان مصلحة في فتح كل الأبواب لإيران كي تعبث بالبلاد بأكثر مما هو حاصل الآن.
* *
أما عن القوات غير الشرعية التي يمتلكها حزب الله، والمدعومة من إيران، فلا أحد له الحق أو يجرؤ في الاعتراض عليها، فضلاً عن العجز في أخذ أي قرار من الرئيس ومجلس النواب والحكومة ينهي هذه القوة العسكرية، وحصر الدفاع عن البلاد بالجيش وقوى الأمن، بحكم أن ميليشيات حزب الله تملك من السلاح والعتاد ما لا يتوفر لدى الجيش والأمن بما يجعلها في الموقف الأقوى في أي مواجهة.
* *
والغريب المريب أن الرئيس عون هو القائد الأعلى للقوات المسلحة بحكم رئاسته للبنان، وهو قبل الرئاسة كان قائداً للجيش، ومع هذا يقبل بوجود قوة عسكرية أخرى موازية أو متفوقة خارج الشرعية، ويلتزم الصمت عن أي إشارة أو تعليق معارض لها، مجبراً ومنقاداً إلى ما تريده إيران، وما تعطيه له هذه الميليشيات من دعم له بعد أن سهلت ومررت اختياره مرشحاً للرئاسة.
* *
وصول البترول الإيراني إلى لبنان باتفاق مع حزب الله قصة أخرى جديدة في سلسلة قصص التواجد الإيراني المؤثر في لبنان، ومرحلة أخرى لدعم استقواء حزب الله على الرئيس ومجلس النواب والحكومة والأحزاب اللبنانية الأخرى، بل وكل الشعب اللبناني، وويل لمن يواجه هذا الطوفان الإيراني، فلبنان يعود الآن مستعمراً، ولكن هذه المرة مع إيران وليس مع فرنسا التي يتم عرقلة وساطتها لإنقاذ لبنان من محنته لغرض في نفس إيران ووكلائها في لبنان.