سلمان بن محمد العُمري
أسعد حينما يطلب مني القراء الأعزاء أو خاصة الزملاء أن أتناول قضية معينة وأكتب عنها ومصدر سعادتي، أن رأيهم قد يعزز أمراً ترددت أو تأخرت في الكتابة عنه فكان رأيهم حافزاً لتناول الموضوع، كما أني أعتز بثقتهم في شخصي الضعيف والتماسهم أن أشارك في الكتابة حول ما يرون استحقاقه للكتابة.
وقد تلقيت مؤخراً اتصالاً كريماً من أحد الزملاء الأعزاء الذين استأنس برأيهم وأشار إلى أمر جدير بأن يكتب عنه: ألا وهو قضية الاستشارات الأسرية حيث إنها أصبحت مشاعاً لكل من هب ودب فسمى نفسه مستشاراً أسرياً ويستقبل الاتصالات وينظم الدورات ويستضاف في اللقاءات الإعلامية، ولربما دمر أسراً، وفرق بيوتاً، وتسبب في الطلاق؛ فالبعض يجدها فرصة للتكسب أو للشهرة أو لكليهما معاً!، وآخرين يجدونها مناسبة لـ(طق حنك مع النساء)، وكذا أمور كثيرة ولكن من أسوأها تشتيت الأسر وفساد البيوت وكثرة المشاكل، ومن يأمن بأن هذه المادة التي يقدمها كاستشارة أو كدورة يقدمها ويأخذ مبالغ عالية تحمل جودة المضمون، ومن قال إن الدورة معتبرة ومحتواها محكم، لأن هناك من جمع له كلمتين، وشاهد أن له قبولاً وأغرى البنين والبنات بشهرته وكثرة متابعيه رغم خوائه العلمي والفكري وسلك هذا المسلك، ثم تجد هذا الخاوي يقدم دورة تلو أخرى أحدها ما قبل الزواج، ودورة بعد الزواج، ودورة في تجاوز الخلاف الأسري، هكذا (خذ حكي)، و(هات فلوس)، ويعلم الله ما في هذه الدورات من خراب بيوت ومخالفات دينية ودنيوية، وتشويش وتشييش وتجييش، وأحياناً رسم أحلام خيالية تخالف الواقع في حياة الجميع حتى يصطدم الطرفان أو أحدهما فيما يجده خلافاً لما سمعه وأمله كمن تحلم بفارس الأحلام.
إن موضوع الاستشارات الأسرية غاية في الأهمية فالأسرة نواة المجتمع وقوامه، والمحتوى والموضوع الذي يقدم لهم مهم جداً، ومن الأهمية بمكان والواجب والأصل ألا يتناول هذا الموضوع إلا شخصيات علمية ذات خبرة ودراية ومعتمدة من الجهات المختصة، ولا يتجرأ شخص ويعلن عن نفسه باسم مستشار ولا يقدم دورة إلا من عنده ترخيص، وأذكر أن العديد من الوزارات لا تسمح بتقديم عمل في المهنة المتعلقة بها إلا أن يكون معه شهادات ورخصة، والأمر الثاني الدورات: فالمفترض أن يكون هناك دورات محكمة المحتوى، كما أن نظام الجامعات يركز على التخصص الدقيق فمثلاً حينما تريد تدريس الفقه تدرس على حسب الاختصاص، ويدرس العقيدة من قبل مختصين في هذا المحتوى، وفي الجامعة أيضاً عضو هيئة التدريس لا ينشر بحثاً للترقية إلا بعد تحكيمه فيرسل لجامعة كذا، وجامعة كذا تحكمه بسرية ودون اطلاع الباحث نفسه، ولذا فلابد من توافر شروط تطبق على المحتوى وعلى المدرب والمستشار نفسه، وأن تكون المادة العلمية محكمة فلا يكفي التخصص والرخصة بل يجب إجازة الدورات من جهات الاختصاص، فقبل أن تقدم الدورة قبل الزواج مثلاً، ما الأمور التي ستقولها للزوجين، والأصل أن يكون هذا المحتوى محكماً من طلاب علم شرعيين، واجتماعيين، ونفسيين ويقرون هذا المحتوى، ولنفترض(×) من الناس يريد أن يقدم دورة على الوزارة المعنية ويدفع عليها أجور التحكيم، حتى نضمن جودة وسلامة المادة المقدمة.
وأتمنى من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أن تبادر بسن قرار يحفظ للناس حقوقها وشؤونها ويمنع التلاعب بأموالها ومصيرها من أناس غير متخصصين أو متطفلين ولربما تسببوا في خراب البيوت وهدمها.