إبراهيم بن جلال فضلون
من الذي ابتكر الصفع؟ من العبقري الذي عرف أن مركز الكرامة يقع تشريحيًا تحت الخد؟، بحيث تُشكل الصفعة ضربة مركزة إلى كرامة المرء منا؟، لتتحول بشعبيتها إلى مواقف مُحرجة لزعماء العالم ومشاهيرها، أغلبهم إن لم يكُن جميعهم «غربي»، تأتيهم بغتة بهيئة أسطورية لعالم لا يمتلك الكرامة، لذا يفعل ما شاء لأنه ببساطة لا يستحي من شيء!.. أغلبها لأسباب واحدة..
إنها عوالم (الصفع والرشق بالبيض والحذاء) أبرزها من جورج بوش عام 2008 بالعراق، فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فبراير 2010، وتوني بلير، رئيس وزراء البريطاني الأسبق، سبتمبر 2010، والرئيس الإيراني أحمدي نجاد، فبراير 2013، وهيلاري كلينتون أبريل 2014، ولم يسلم رئيس الحكومة الإسبانية السابق ماريانو راخوي عام 2015 منها، ليلحقه بنفس العام رئيس الوزراء الأوكراني السابق أرسيني ياتسينيوك، ونواز شريف مارس 2018، وترامب عام 2019، ليتكرر الإحراج لسيناتور أسترالي «فرايزر مانينج»، بسبب تصريحاته المُناهضة للمُسلمين عام 2019، لكننا بعام 2021 نجد مشاهد التكرار مؤلمة لرؤساء فرنسا، ولا تعتبر صفعة «الماكرونية» الحادثة الأولى من نوعها، إذ سبق أن تعرض ماكرون، في نوفمبر الماضي إلى صفعة من مواطن فرنسي على وجهه بشكل قوي، لتكون «حادثة تُهينُ الديمقراطية» التي يتبجحون بها في عالمنا الخارج عن الخدمة.. وقبلها، وتحديدًا في يوليو من العام نفسه، تعرض ماكرون أثناء تنزهه بصُحبة زوجته في حديقة تويلوري قُرب متحف اللوفر لموقف نادر، عندما تعرض له عشرات من مُحتجي «السُترات الصفراء»، مُرددين هتافات منها «استقل يا ماكرون»، وقد سبق وتلقى بيضة على رأسه، من مُزارع عام 2018، ولم يتعظ من هجوم مئات المُتظاهرين لسلفه السابق نيكولا ساركوزي بالبيض، في مدينة بايون جنوب غرب فرنسا، ولم يجد أمامه آنذاك سوى الاختباء داخل مقهى تحت حماية الأمن، فهل نحنُ في عوالم البيض الفرنسي «الفاسد»؟!!، لـ»تسقط الماكرونية»، أمام عبارة «مونتجوي سانت دينيس»، والتي كانت صرخة معركة الجيوش الفرنسية عندما كانت البلاد ما تزال ملكية.
عندما تحترم كرامتك، وتراها أغلى ما تملك، ستدافع عنها ولو ضحيت بحياتك، لكن عندما تُفرط فيها وتتكرر إهانتك مقابل كُرسي أو مصلحه، ولا تستطيع الدفاع عنها إلا بالكلمات الجوفاء، فأنت عبدُ لدناءة نفسك وأنانيتها!!، وأن تُلقي اللوم على أفراد «عنيفين للغاية»، قائلاً: «أنا بخير يجب أن نضع هذا الحادث الذي أعتقد أنه حدث منعزل، في منظوره الصحيح»، فأنت إنسان بلا كرامة!!، ولا أتعجب أن تدافع عنه منظمات وهيئات حقوق الإنسان، لأنه ببساطة داخل جدرانها التي تُبقي حقوق الإنسان ويدافعون عنها، بل يعلقون جوائزها على رقاب من يتجاوزها كرئيس وزراء إثيوبيا الحاصل على جائزة نوبل للسلام.. ومثله كثيرون.. فكم صُفع عربي ومسلم فقتل من أجل رد كرامته، فهل يفعلها هولاء؟!.