م. عبد العزيز بن عبدالله حنفي
قال تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} الفجر: 27.
الموت حقٌ علينا جميعاً، ولكن الفراق صعب. بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره انتقلت إلى رحمة الله تعالى شقيقتي الغالية عزة عبدالله حنفي -رحمها الله- فجر الخميس 29/10/1442هـ بعد معاناتها مع المرض، وصلي عليها عصر اليوم نفسه بالمسجد الحرام، ودفنت بالمعلاة، فخيم الحزن على الجميع، ولكن ما نقول إلا ما كان يقوله الحبيب عليه الصلاة والسلام: إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا على فراقك يا عزة لمحزونون.
سامحيني يا شقيقتي، لحزني لم أجد كلمات رثاء توفيكِ حقكِ، رحيلك أوجعني كثيراً لأنه لا يقاس بأي وجع رغم غصة الفقد، ولكن إيماني بأنكِ في مكان أفضل -إن شاء الله تعالى- عند ربٍ غفور رحيم كريم.
تعلّمنا من الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام أن نُكرم علية القوم فهي غالية علينا فأكرِمها ربنا وأنت الكريم، وعوضها عن كل ألم أصابها في الدنيا بجنات النعيم، اللهم لا تجعل ذكرها منقطعًا، وسخّر لها الدعوات، واغفر لها الزلات، وارفع درجاتها، واجمعني بها ووالديّ يا رب في الفردوس الأعلى من الجنة.
شقيقتي -رحمها الله- كانت والدة الجميع فقد اعتنت بي كثيراً في صغري وبعد وفاة والدتي -رحمها الله- وكانت بمنزلة والدتي التي ترعاني وترشدني فزاد قربها ومحبتها مني. كانت مَثلي الأعلى في الحياة ولحبها لم تكن تعارضني إلا فيما يخالف مصلحتي فهي لا تُعوض لأن الأخت لها مكانة عظيمة والشريعة دعت إلى حفظ حقوق الأخت والدعاء لها بعد الممات.
من كانت عنده أخت فليحافظ عليها فهي ملك الدنيا بأكملها لأن الأخت دنيا وعالم.
شقيقتي -رحمها الله- كانت ملاكًا طيبة القلب أحبت الجميع فأحبوها فهي من رعيل الأولين المنقرض هذه الأيام فكانت نعم الزوجة الصالحة والأم الحنون رغم أنها لا تقرأ ولا تكتب ولكن حرصت كل الحرص على تعليم أبنائها وبناتها فخرّجت الطبيبة والمعلمات والمهندسين، وتركت شوقاً لا تطفئه السنون وذكرى لا يمحوها الزمن.
كانت -رحمها الله- دائماً فرحة وابتسامتها اللطيفة لا تفارق مبسمها الجميل ولم تختفِ من ذاكرتي، روحها نقية طاهرة. اشتقت لرؤية بشاشة وجهكِ ولضحكاتك وكلماتك وأحاديثك الشّيقة. بجوارها كنت أستشعر حبها وكان انشغالها بأبنائها وبناتها وأحفادها أكثر من انشغالها بنفسها.
للفقد ألم وأكثره ألماً فقد الأم والأخت فهي لا تُولد. اللهم ارحم أختي الغالية عزة واغفر لها واعف عنها ووسع مدخلها ونقها من الذنوب والخطايا يا رب العالمين كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأفسح لها في قبرها مد بصرها واجعل قبرها روضة من رياض الجنة اللهم اجبر كسرنا واجمعنا بها في الفردوس الأعلى من الجنة. اللهم آمين.
{إنَّا للهِ وإنَّا إِليْهِ رَاجِعُون}.
** **
- رئيس جمعية خيركم بمحافظة جدة