شخصية عصامية زكاها المجتمع وتدثرت بالمعرفة وتوشحت بالعلم، كانت تتمايل في كتاباتها بين حاجات المجتمع وإبداع الأفراد، ولم تضع نفسها في موضع واحد لا تغادره بل كانت إلى الهموم ألصق وإلى الأماني أوثق، تتلفت إلى الحاجات والمطالب فترسل ما يشبه البرقيات لمن تتوسم فيه أن يحل معضلة أو يواجه مشكلة، فإذا استراحت لذلك تمايلت على إبداع المبدعين شعراء أو ناثرين فتناولت إنتاجهم تزفه للغير فرحة به.
الأستاذ علي مثل الطائر من فنن إلى فنن كتب في أغلب الصحف وبعض المجلات كتابات تتسم بالوضوح وبأسلوب صنعته التجربة وحسن الممارسة، خلت من الاختلاف الذي يؤول إلى خلاف، يقول كلمته ويمضي، لم يكن كاتباً يتعقب السلبيات بقدر ما يستحضر الإيجابيات فهي كتابة تحرض على الكتابة، أو تصنع أسئلة يفكر في أجوبتها، كان يطمع أن يوصل رسالته للقراء وحاجات المجتمع للمؤسسات قبل الأفراد، لأنه آمن أننا دولة مؤسسات قانوننا القرآن والسنة، فكل المجتمع رئيس ومرؤوس خاضع لهذا النهج المؤسساتي.
فكتاباته تنحو هذا المنحى، أسلوبها لا يعتمد على الخيال المفرط، ولا التأويل البعيد الذي يشبه التخمة، أسلوب عقلاني يميل لرائحة المجتمع، وهو مجتمع ذكي بفطرته، صادق مع نفسه وغيره، يستشعر كل ذلك الأستاذ علي فيزكيه ويزفه، ومع هذا فإنه ظل مخلصاً لوظيفته أينما كانت وكأنها أمان له والكتابة عشقه وبين الأمان والعشق تسير الحياة بين استقرار وحب وأعتقد أن هذه حياته وفقه الله وجعله مشعاً أينما يكون.
** **
أ.د. عبدالمحسن القحطاني - أديب وأكاديمي - رئيس نادي جدة الثقافي الأدبي سابقاً