عندما يقف الإنسان أمام شخصيات لها تاريخ وإنجازات مشرقة، ولها أثر عريض وعميق في أكثر من جيل من الأجيال، وقد حباها الله تعالى بالعديد من الطاقات والقدرات والملكات والمواهب يقف حاسرًا فارغًا معجباً ومرهوباً! فمن أين يأتي هذه الشخصيات؟ وكيف سيبدأ الحديث عنها؟ ومن أين ينطق قلمه؟ وماذا يقول عنها؟ وهي شخصيات أدبية مؤثرة عامة؟
وقد ضربت بحظ وافر في أكثر الفنون الأدبية والنقدية شُهرة!
وهل سيوفّيها حقها ومكانتها وما وصلت إليه من طموح؟
والله ما حالي في هذه الشخصية التي أكتب عنها إلا كحال الهدهد عندما وقف أمام سيدنا سليمان بن داؤود عليهما السلام؟ ونبي الله تعالى سليمان عليه السلام هو نبي الله سليمان عليه السلام والهدهد هو الهدهد مهما قال وتحدث!
ومهما كان الأمر فالحديث عن الأدب والنقد في المملكة العربية السعودية لا يمكن أن يتجاوز شخصية الأديب الناقد الكبير الأستاذ القدير علي بن خضران القرني دون أن يقف على إنجازاته ومؤلفاته وما قدَّم للأدب والنقد السعودي وما أتحف به الحركة الصحفية في بداياتها وما زود به الأندية الأدبية السعودية في بواكير ولادة نادي الطائف الثقافي والأدبي.
(صور من المجتمع والحياة) (قراءات عابرة) (خطرات فكر) تلك بعض منتجات فكر وإبداع وموهبة واهتمامات الشيخ الأديب الناقد الكبير الأستاذ القدير علي بن خضران القرني وهي ترتكز على شخصية تربوية أدبية نقدية صحفية؛ فالتنشئة الدينية المحافظة والتي تربّى عليها الشيخ الأديب في أسرة جنوبية مجتمعية محافظة كسائر الأسر الكريمة في المملكة العربية السعودية والمراحل التعليمية التي صقلت ما يملك من مواهب وقدرات ومن ثم العمل في التربية والتعليم والتدرج في المهام والأدوار والمسؤوليات التي أنيطت به ثم قراءاته الطويلة واطلاعه على ما وراء الحدود من تجارب وخبرات المبدعين من الأدباء والنقاد والشعراء المصريين والشاميين، كل ذلك أشبع نهم الشيخ وملأه بالروح التربوية الأدبية النقدية الصحفية المقبولة.
كانت للصحافة السعودية في بداياته كتّابها وقراؤها ومريدوها، وكان الشيخ علي بن خضران القرني من رواد الكتابة الصحفية، وقد شهدنا مقالاته الأدبية والنقدية في أكثر من صحيفة ومجلة، فهو يكتب في صحيفة المدينة المنورة والبلاد ويكتب مقالات في صحيفة الجزيرة، ويكتب في مجلة اقرأ وفي مجلة الأدب الإسلامي وغيرها من المنابر الإعلامية. والقارئ والمحب للشيخ يرى أن له أسلوباً خاصاً ولوناً تفرد به دون سائر الكتّاب أو النقاد، ولكم أن تقرؤوا وتتطلعوا على مؤلفات الشيخ الأديب الناقد علي القرني.
إن التنشئة الدينية وأثر التربية والتعليم وقيادة التعليم في تعليم البنات والمقابلات واللقاءات مع الفئات المستهدفة من المجتمع والوقوف طويلاً في خدمة الناس في هذا المرفق الحيوي كل ذلك أنعكس إيجاباً على محاضرات وكتابات ومقالات ومؤلفات الشيخ الأديب. فالقارئ له أن يرى ويقرأ في كتاباته مثلاً (قراءات عابرة) أو (خطرات فكر) أو غيرها من المؤلفات الأدبية والنقدية الروح والرجل التربوي الخلوق والأديب الناقد الجميل في تعاطية مع المنتجات الأدبية المختلفة والمتباينة
وإن كانت المراحل التي ترأس فيها نائباً للتعليم البنات في محافظة الطائف ومسؤولاً ونائباً لرئيس نادي الطائف الثقافي والأدبي كانت هناك تجاذبات وصراعات أدبية نقدية صحيفة تفرض واقعاً مريراً من التصنيف والإقصاء إلا أن الشيخ القدير نجح ووفق توفقياً كبيراً في قيادة هذه المؤسسات التعليمية التربوية والثقافية الأدبية.
وكما قدّمنا أن للشيخ علي القرني -حفظه الله تعالى ورعاه- ذلك الأسلوب الذي يظنه الظان لأول مرة سهلاً جدًا ويمكن تقليده والإضافة عليه، لكن للحقيقة نقول: إن أسلوب الشيخ من السهل الممتنع؛ الذي يُوصل الفكرة العميقة بأسلوب سهل جدًا لا تكاد تصدق كيف وصلت إليك الفكرة؟ وكيف قبلتها؟
وهذه يغلب على كتاباته في أكثر مؤلفاته وأكثر ما يكتب في الصحافة والمجلات الشهرية والدورية.
هذا الأسلوب الذي يتميز به يذّكرني دائماً بأسلوب الأديب العربي الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي .
فهو يكتب بأسلوب يفهمه العامة ويؤثر فيهم ويظل القراء يذكرون ما كتب وألّف!
ولعل الشيخ الأديب الناقد الكبير الأستاذ علي بن خضران القرني وهو يكتب مقالته أو كتابه النقدي يرمي بالفكرة ولا يتكلف الأسلوب الذي يُوصلها إلى القارئ أو المتلقي.
وهو ماض في كتاباته ومؤلفاته، وهذا ملموس مشاهد محسوس فيما كتب من كتب وألّف من مؤلفات.
والشمولية التي يملكها الشيخ الأديب الناقد علي القرني في التعاطي والتفاعل مع أكثر المنابر الأدبية والثقافية المختلفة فهو كاتب مقال في الصحف السيّارة وكاتب مقال في المجلات الثقافية الأسبوعية والشهرية والدورية الفصلية وقائد ونائب لمؤسسة أدبية مؤثرة عامة كنادي الطائف الثقافي الأدبي وقائد تربوي تعليمي في إدارة تعليم البنات ومشرف على مؤلفاته وكتبه وعينه على أسرته وأهله ودوره في جماعته وأهل قرأه وحيه ومدينته الطائف، كل تلك المسؤوليات والمهام ساهمت في صناعة الشخصية التي ندعو الشباب والشابات في مملكتنا الحبيبة إلى الأخذ منها والاستفادة من عطائها والاقتداء بها، فهي رمز من رموز المجتمع السعودي في إخلاصه وتفانيه في خدمة الوطن الغالي في مجالات التربية والتعليم والأدب والنقد والصحافة.
حفظ الله تعالى الشيخ الأديب الناقد الكبير الأستاذ القدير علي بن خضران القرني ومتعه بالصحة والسلامة والعافية.
** **
د. سالم بن رزيق بن عوض - شاعر وأديب سعودي