الجزيرة الثقافية - محمد هليل الرويلي:
كنا سلطنا الضوء العدد السابق على نتائج دراستها الأخيرة، الإنتاجية النصية على الشعر السعودي، وهوية اللغة وانعكاس ذلك على القضايا والتجديد. تواصل الثقافية الحديث مع الناقدة الدكتورة (فايزة أحمد الحربي)، حول بحثها (دور المحكي في الرواية السعودية). من واقع العمل الروائي (قبل أن تخون الذاكرة) للمؤلف عبدالرحمن عايل، وقالت الناقدة فايزة الحربي: البحث تناول دور المحكي الروائي السعودي في الكتابة الروائية، نحو شكل مغاير في الألفية الأخيرة عمّا كانت عليه في بداياتها الذي كان يحكي سيرته من خلال ثيمات كلاسيكية يسير فيها وفق منهج روائي مراعياً فيه قواعد الكتابة الروائية والذائقة السائدة مع الفكر المجتمعي ولكن مع التحولات المجتمعية التي أثرت بدورها الكتابة الروائية، أحدث ذلك نوعاً من التمازج بين الشخصيات والأيديولوجيات المعاصرة والصراع مع الذات، ومن هذا المنطلق وقعت على رواية (قبل أن تخون الذاكرة) التي صدرت عام 2014م لمؤلفها (عبدالرحمن عايل)، لما تحمل من سمات الرواية السيرية، ولغتها القائمة على تداعي الذكريات، الشاهدة على التحول الجذري في حياة البطل من التطرف الديني إلى الانفتاح الفكري.
ووضحت الناقدة الحربي: هذه الدراسة تطرقت لمرحلة هامة تمسّ حال الفوضى الفكرية والنفسية التي عاشها بطل الرواية بين الحيرة والشك، ليمثل انعكاساً لواقع عدد من الشباب الذين سلكوا طريقه. ويلحظ تنوع الحضور الحكائي لقصص السجن المتخيلة في الرواية، حيث يحتل الجزء الأكبر من المساحة القصصية، ومن حياة المحكي وفق مراحل حياته العمرية في الرواية، إذ حدثت تحولات مخيفة ومرعبة تعرض لها، بدأت منذ مرحلة المراهقة بسبب جريمة أخلاقية مليئة بكل المحظورات إلى دخوله السجن مرة ثانية بعد حادث مروع تسبب في وفاة قريبه، ومرة ثالثة بعد عودته من العراق بتهمة الإرهاب عندما ذهب لتنفيذ عمل انتحاري.
وزادت: جاءت رواية (قبل أن تخون الذاكرة) أقرب إلى أسلوب السرد الروائي ذلك من خلال المقام السردي الواحد المنتمي لعالم الحكي في الرواية، الذي قام بتشكيله وساهم بوضع مواقفه ووقائعه، فتعدد الرواة بين الراوي العليم والمشارك على مستوى الضمير الذي تناوب بين (الهوى) و(الأنا)، مما أظهر المفارقات في المسار السردي للرواية وفق أحداثها، الذي قضى جلّها بين جدار السجون.
وقد منح توظيف الضمير وفق الموقف الروائي للرواية الصدق بحقيقة أحداثها، فعند استخدامه لضمير الغائب اتسم موقفه بالحيادية التامة والموضوعية، وفي ضمير المتكلم دلّ على عمق التجربة المعاشة لدرجة الجرأة والمكاشفة عن ماضيه بلا حرج.