ما أبشع الشعور بالفقدان، يشعل عاطفتنا ويلهب قلوبنا المتعطشة، ويهيج مشاعرنا المغمورة بين أضلاعنا المتداخلة، فنتجرع مرارة الفقدان وحزن الرحيل بقلوب حزينة، فينطفئ شعاع وجوهنا وتتجهم ملامحنا، وتدمع أعيننا بمجرد رحيل أحدهم.
فرحيل الآخرة قدر مكتوب، وبقوة إيماننا نستطيع الصبر والاحتساب إلى الله.
أما رحيل الدنيا فيكون فقدانه مضاعفاً بمرارة، لأن أنفاسهم الحية تمر علينا وتلفحنا ببرودة لتذكرنا بأماكنهم الفارغة التي لم يملأها صعيق النسيان.
كم هم كثيرون أولئك الأشخاص الذين غادرونا دون كلمة وداعاً ودون إصدار أي ضجيج عند رحيلهم.
مؤلم حقاً حينما نشغل أنفسنا عن أحبائنا وأصحابنا وحتى أهالينا فنكون مخيرين: إما الانسحاب بهدوء وهذا الأكثر ألماً، وإما تمثيل مسرحية الوداع الحزينة، وهذه الأكثر ضرراً على النفسية الداخلية، فلربما تراكمت الأحقاد والكراهية في القلوب.
ما يفطر الفؤاد ويحزنه أن هؤلاء الأشخاص لا يزالون متواجدين على كوكبنا، ولكن مطموسو الأثر مفتقدون لهويتهم الإنسانية أبعدتهم الظروف رغماً عنهم وأحياناً بإرادتهم يرحلون بقلوب قاسية دون اكتراث بصرخاتنا ودموعنا، وكأن تواجدنا في حياتهم عبء ثقيل فيفضلون مسحنا من قاموسهم ومفضلات هواتفهم، وكأننا لم نكن يوماً جزءاً منهم.
فمنهم من يمتلك حساً وقلباً ينبض فيمهد للانسحاب والرحيل، ومنهم من مات قلبه وتعطلت مشاعره، فيهرب بنفسه دون النظر للوراء ودون صافرة إنذار تلمح بالرحيل.
فتكون نسبة صفاء القلوب والعودة مرة أخرى ضعيفة جداً، فقد خابت الظنون واندفن الحضور.
«شجن»
أيها القادمون من الأفق البعيد
مهلاً:
فهناك نقطة لتجديد الوعود..!!
** **
- وفاء آل منصور