عبد العزيز الصقعبي
قبل أن أبدأ بالكتابة اليوم، كنت أفكر بسنوات عشتها في الطائف، تخللتها عدة سنوات انتقلت بها للرياض للدراسة الجامعية، ولكن لم أبتعد وقتها عن مدينة الطفولة والنشأة، حكايتي طويلة لا مجال لذكرها هنا، ولكن بعد عودتي للطائف منهياً دراستي الجامعية، وتحديداً بعد أن دخلت معترك الحياة موظفاً، بدأت قصة أخرى، ولكن هذه القصة شاركني بها كثير من الأصدقاء الذين أصبحت لي علاقة أبدية معهم، من هؤلاء بل أهمهم الأخ الأكبر والصديق العزيز، علي بن خضران القرني، هذا الرجل عرفته قبل أن ألتقي به من خلال ما ينشره في الصحف والمجلات، وعرفت أنه من رواد الثقافة والأدب، وعضو مؤسس لنادي الطائف الأدبي، الأمر لم ينته إلى هنا بعد، بل كان لي حظ العمل معه في إدارة تعليم البنات بالطائف، لمدة قاربت السبع سنوات، لذا فحين أفكر بالكتابة أو الحديث عن هذا الأخ الكبير والصديق العزيز علي خضران القرني، فحتماً سأتذكر مكانين في مدينة الطائف، إدارة تعليم البنات، والنادي الأدبي، وبالطبع هنالك علاقة عمل في إدارة التعليم وعلاقة ثقافة وأدب في النادي، علاقتين مختلفتين تماماً، فزمالة العمل تتوقف على المهمة الوظيفية وإنجازها، وتنتهي غالباً بمغادرة مقر العمل، أما الانتماء للنادي فهنالك علاقة مختلفة تقوم على العطاء الثقافي لكل واحد، قد يكون هنالك تقارب وربما لا يكون، وأنا هنا أدين بالفضل للأستاذ الكبير علي خضران بتعليمي أبجديات تكوين العلاقات مع كل من حولي، سواء أدباء وكتاب أو زملاء عمل، فهو منذ أول يوم لي بالعمل الحكومي وهو بمنزلة الرئيس أو المدير المباشر غالباً أو غير المباشر بحكم عملي في قسم التعليم وإدارته للشئون الإدارية والمالية ثم نائباً لمدير التعليم، فلم يشعرني مطلقاً أنه أعلى درجة أو أقدم بل كان قريباً جداً مني ومن جميع الزملاء بالعمل والنادي، ففي العمل كان صادقاً مخلصاً حريصاً على أداء العمل، وكان جميع الموظفين يقدرونه وينصاعون لأوامره بكل ود، لأنه حريص على مصلحتهم، المدير المسؤول لا يتغير عندما يكون رفيق أدب في قاعة النادي، يؤدي عمله كعضو مجلس إدارة ونائباً لرئيس النادي، ويشارك في جميع الأنشطة، يشجع ويدعم، يتابع ويطرح رأيه بصراحة، وعلى الرغم من أنه من جيل اقترن بالرواد في المملكة العربية السعودية، وكان جزءًا منهم، وسبقني في النشر بوقت طويل بالذات في الصفحات الثقافية وبالطبع كان من ضمنها المنهل المجلة العريقة، ولكن لأشعر مطلقاً بالفوقية، أو الإحساس أنني من شداة الأدب أو المبتدئين، بل يشعرني حفظه الله بقيمة تسعدني وتنمي في داخلي التحدي للتميز، وهنا يتضح معدن الأديب الواثق من نفسه، فحرصه على أصدقائه والأخذ بيدهم كان هذا ديدنه.
الأمر الأهم هو الحضور الثقافي والإبداعي لأكثر من نصف قرن، كتب القصة والقصيدة، وقدم قراءات عن الإبداع الشعري في المملكة العربية السعودية، اسمه حاضر في أغلب الدوريات السعودية والعربية ولا نستغرب حين نقرأ له دراسة في مجلة الثقافة السورية أو المنهل أو غيرها من الدوريات السعودية والعربية، أغلب تلك الدراسات استعرض وقدم رصداً لما يصدر من إبداع لأدباء المملكة، لم يتوقف الأمر عند ذلك بل كان وفياً لمدينة الطائف ليقدم موسوعة أدباء الطائف طارحاً نموذجاً من أْعمالهم، وهذا جهد مؤسساتي مهم يخدم الثقافة في المملكة.
الحديث عن علي خضران القرني يطول والتوقف عند الشخصية الطيبة المحبة للحياة الحريصة على كل ما يخدم الوطن والثقافة في المملكة، مع استعراض متابعاته المهمة لما ينشر وما يستحدث في الساحة الثقافية يحتاج إلى صفحات، وبالطبع هذه العلاقة الحميمة التي جمعته بكل الناس وافتخر بعلاقته ومعرفته بوالدي صالح الصقعبي رحمه الله، الذي أحب مدينة الطائف لآخر عمره، كل ذلك مع ما سمعته من كثير من الأصدقاء عن حياة الأستاذ علي خضران الحافلة بالإنجازات، يدفعني إلى التوجه بطلب لكتابة سيرته الحياتية والثقافية والتي ستكون مثيرة وثرية، وسيجد الجميع عوناً له، أدام الله الصحة والعافية لأخي الكبير الصديق علي خضران القرني، وكان له عوناً في مواصلة عطائه المتجدد.