في جبالها ومناطق تهامة التابعة لها، تتعدد وتنتشر المواقع الأثرية والتراثية في منطقة عسير، هذه المنطقة الزاخرة بالتاريخ والحضارات التي سبقت الإسلام، ثم دخلت عسير في الإسلام عبر الوفود القادمة من جرش عام (9) التاسع للهجرة، وقد ولي أبو سفيان إمارة جرش للنبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ولي حرد بن عبدالله طيلة حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجاء بعده عبدالله بن ثور عاملاً عليها لأبي بكر الصديق وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- ثم أصبحت إمارة تابعة لمكة المكرمة، واستمدت أبهى قوتها، وتبرز خلال العهد الأموي والعباسي، وأسست بها مساجد تعود لتاريخ ذلك العهدين.
ونجد لعسير ذكراً مستفيضاً من كتب الرحالة ابن جبير وابن بطوطة، وابن المجاور، خاصة بيشة وتهامة عسير عبر حلي ومحايل بن يعقوب في القرن السابع والثامن والتاسع الهجرية، بل إن دخول العثمانيين بعد ضعف الطولونيين والإخشيديين والفاطميين والأيوبيين والمماليك في بداية القرن العاشر.
وتتميز عسير بتراثها الغني والمنوع من حصون وقلاع وقصور ومبانٍ حجرية وبالزخرفة التراثية التي تتصدرها ألوان القط العسيري.
ومن أبرز هذه المواقع:
موقع جرش الأثري
يعد موقع جرش الأثري بمحافظة أحد رفيدة على بعد 15 كيلاً جنوبي محافظة خميس مشيط، من المواقع المهمة في تاريخ الجزيرة العربية، وهو يمثل مرحلة ما قبل الميلاد، واستمر الاستيطان فيه إلى الفترة الإسلامية، حيث يتزامن مع موقع الأخدود بنجران، وهو موقع تجاري وصناعي واقتصادي قدم خدمة كبيرة لتجارة العبور التي كانت تمر بالشرق عبر طريق التجارة القدي.
وتعود الحضارات المكتشفة في موقع جرش الأثري لفترة ما قبل الميلاد، وازدهر الاستيطان فيه خلال القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الأول الميلادي، حيث استمر الاستيطان خلال الفترات اللاحقة في وسط الموقع.
كما أظهرت الكشوفات الأثرية دلائل لاستيطان بشري في شمال ووسط الموقع خلال بداية العصر الإسلامي والفترة العباسية.
وللموقع دلالاته الحضارية، حيث يرمز إلى النماء والقوة، وهو يمثل رمز مدينة جرش في تلك الفترة، ومن حيث دلالاته اللغوية فلم تظهر لفظة أسد في أي من النقوش، ولكن ورد لأول مرة في نقوش المسند في هذا النقش، حيث يرد في غيره من النقوش بمسمى لبوء، وحيث كان لمدينة جُرش الدور الحضاري الكبير في خدمة التجارة لوقوعها على الطرق التجارية الرئيسية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها، واشتهرت جرش بحرفة صناعة الآدم «دباغة الجلود».
ويتصف الموقع بأنه مستطيل الشكل، وتمتد على طول الموقع من الجنوب إلى الشمال تلال أثرية، تتركز كثافتها في المنتصف، وفي الجهة الشرقية توجد بالموقع جدران ذات صخور مشذبة وكبيرة الحجم، يصل طولها إلى 80 سم وعرضها إلى 60 سم، وتشابه ضخامة الجدران بالموقع وأسلوب بنائها لما هو موجود في موقع الأخدود بمنطقة نجران.
وقد كشفت أعمال التنقيب الأثري عن أساسات لمسجدين، مسجد كبير مبني فوق مسجد أسفل منه، ويعودان لفترة إسلامية مبكرة أساساتهما من طوب الآجر، بنيا فوق أساسات الحصن الذي يعود لفترة ما قبل الإسلام، كما تنوعت المعثورات الأثرية بين الأواني الزجاجية والمصنوعات الحجرية، وأوانٍ فخارية من فترة ما قبل الإسلام، إضافة إلى نقش على صخرة لأسد وثور مكتوب أسفل منهما بخط المسند، حيث نفذ هذا الرسم بالحفر البارز، ويرمز إلى النماء والقوة التي كانت تتمتع بها مدينة جرش -آنذاك-.
موقع العبلاء الأثري
أظهرت نتائج حديثة لأعمال التنقيب الأثري التي يقوم بها فريق سعودي تابع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عن العثور على قطع أثرية يعود تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد في موقع العبلاء -شمال غرب محافظة بيشة بمنطقة عسير، تبرز مهارة (حضارة العبلاء) في استخراج وتعدين الذهب والنحاس وبيعه، وما كان يتمتع به سكان الموقع من ثراء وتطور منذ القرن الرابع قبل الميلاد وحتى العصر العباسي.
ويعرف موقع العبلاء محلياً بمنجم العبلاء، ويقع على مسيل عدد من الأودية والشعاب، من أهمها وادي رنية ووادي القاع، ويعتبر من أكبر المواقع الأثرية في جنوب غرب المملكة.
وقد عد كثير من المؤرخين، والجغرافيين العرب والمسلمين، والباحثين المعاصرين العبلاء ضمن أبرز الحواضر العربية القديمة لوقوعها على امتداد القطاع الجنوبي من مسار درب البخور التاريخي الذي كان يربط المراكز الحضارية في جنوب الجزيرة العربية بشمالها.
كما عاصر الموقع النشاط الاقتصادي لممالك جنوب الجزيرة العربية، وحافظ على أهميته خلال ازدهار تجارة قريش بمكة.
وقد لعبت العبلاء، كغيرها من حواضر جنوبي غرب الجزيرة العربية، بعد ظهور الإسلام دورها التاريخي والحضاري لكونها ضمن المحطات الرئيسة الواقعة على مسار طريق الحج اليمني الأعلى (النجدي) الواصل بين صنعاء ومكة المكرمة، فضلاً عن دورها الاقتصادي كواحدة من مجتمعات التعدين في اوائل الفترة الإسلامية.
ومما يميز العبلاء وجود منجم قديم أقيم في قمة الجبل يحتوي على ثلاثة آبار يصل عمق إحداها إلى ثمانين متراً، وذلك لاستخراج المعادن من باطنها، وما زالت آثار الحريق والتعدين بارزة للعيان إلى وقتنا الحاضر.
كما يوجد بالموقع (رحى) كبيرة عرضها متر وطولها متر أيضاً كانت تستخدم لطحن المعادن المستخرجة من المنجم، إضافة إلى رحى عديدة لكنها تصغره حجماً.
درب البخور
تتميز الجزيرة العربية بموقعها الجغرافي والحضارات التي شهدتها مما جعلها تزخر بعدد من الدروب الأثرية الشهيرة مثل طرق التجارة وطرق الحج وغيرها.
ومن هذه الدروب درب البخور الذي احتل «درب البخور» حيزًا كبيرًا من اهتمام الباحثين في تاريخ الجزيرة العربية، وهو الطريق الذي سلكه جيش أبرهة الحبشي في حملته على مكة المكرمة والذي يعود تاريخه إلى القرون الميلادية الأولى كشريان اقتصادي وعلامة حضارية، رسختها مرور القوافل التجارية من جنوب الجزيرة العربية بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وصولًا إلى الشام شمالًا، والأحساء والبحرين شرقًا، ومنها إلى مناطق أبعد.
وترجع سبب تسمية هذا الدرب بـ»درب البخور» إلى أن بضائع التجارة التي كانت تنتقل عبر هذا الطريق كانت تتميز بكميات البخور الكثيرة والفاخرة، ذات الجودة المشهورة إبان تلك العصور.
و»درب البخور» يرتبط قديمًا بدرب لحج، إذ يمتد على الساحل الغربي من المملكة إلى ما بعد مضيق باب المندب، وكانت الطائف جزءًا من هذا الطريق لاشتهارها التاريخي بالورد، ولارتباط البخور بالأماكن المقدسة، وقد أثبت التاريخ تقاتل الإمبراطوريات على التحكم بهذا الطريق وأسواقه، نظرًا لحاجة معابد الإمبراطوريات الفارسية والرومانية والمصرية إلى البخور، وكانت تتنافس فيما بينها للسيطرة، وعندما أمن هاشم بن عبد مناف الطريق من خلال ما عرف بالإيلاف (رحلة الشتاء والصيف).
قرية رجال ألمع التراثية
تعد قرية رجال ألمع التراثية بمنطقة عسير وجهة سياحية لكثير من زوار منطقة عسير، حيث إنها قريبة من مواقع التمركز السياحي في مدينة أبها والمواقع القريبة منها، كما أنها توفر الكثير من العوامل التاريخية والثقافية والتراثية والطبيعية من خلال طبيعتها وضيافة أهلها وثقافتهم وتميز مبانيها التراثية.
وتتكون القرية من نحو 60 مبنًى بنيت من الحجارة الطبيعية والطين والأخشاب، وتتألف القصور من عدة أدوار وهي تعرف بالحصون. وتحتوي على متحف تراثي قام بإنشائه أهالي القرية لإنقاذ تراثهم الإقليمي.
والقرية من المواقع التي يتم الإعداد لتسجيلها في قائمة التراث العالمي باليونسكو.
قرية المفتاحة.. منارة الثقافة والتراث في أبها
أصبحت قرية المفتاحة التاريخية وسط أبها أحد أبرز المعالم التاريخية والسياحية في المدينة، خاصة بعد انتهاء ترميمها بما تحويه من مبان تراثية عسيرية جميلة ومسرح وخدمات سياحية.
وتتوسط المفتاحة مدينة أبها قديما قبل ما يقارب 260 عاماً بمجموعة من المنازل المتلاصقة على امتداد الممرات الداخلية والخارجية تم بناؤها -آنذاك- بالأساليب التقليدية للبناء في منطقة عسير، حيث الفتحات الصغيرة والحوائط السميكة باستخدام (الرقف) لحماية حوائطها الطينية من الأمطار وتوفير الظلال أيضاً على واجهة مبانيها.
وبدأت قرية المفتاحة بفكرة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل (أمير منطقة عسير آنذاك) وذلك في بداية عام 1408هـ، حيث كانت القرية مهجورة متداعية، ونزعت ملكيتها لتكون مع بعض ما يجاورها من المزارع متنفساً عاماً، ومركز جذب سياحي داخل المدينة يحمل الطراز المعماري القديم، ويهتم بالحركة التشكيلية والفوتوغرافية ويحضن بعض المهن والحرف والمشغولات اليدوية المحلية.
وفي عام 1410هـ افتتحت قرية المفتاحة وسط احتفال شعبي وثقافي كبير، وأصبحت قرية المفتاحة تضم بين أحضانها مسرحاً كبيراً يتسع لأكثر من ثلاثة آلاف متفرج استخدمت فيه أحدث التقنية الصوتية تقام فيه الاحتفالات والمحاضرات والندوات، كما تحتضن القرية الأنشطة الثقافية من دورات وأمسيات شعرية وثقافية، والفعاليات السياحية، وكانت مقراً لملتقى التراث العمراني الرابع الذي أقيم العام الماضي.
وتحوي القرية حالياً معرضاً للفت التشكيلي، ومتحفاً، وقاعات للعرض.
وساهم موقعها في وسط المدينة وبجوار الأسواق الشعبية في زيادة الإقبال على القرية التي تجذب الزائر بألوانها البهيجة.
وتشهد القرية زيارات المهتمين وزوار المدينة، خاصة في نهاية الأسبوع أو لحضور الأنشطة والفعاليات السياحية والثقافية والتراثية التي تقام في قرية المفتاحة بشكل دائم.
قرية آل عليان التاريخية بالنماص
على جبال السروات، في منطقة عسير تقع قرية آل عليان التاريخية، التابعة لمحافظة النماص. وهي تعد مزارًا للسياح لما تحتويه من آثار وطبيعة ساحرة. يمكن للزائر الوصول إليها عبر طريق معبد من مركز السرح الذي يقع على طريق أبها- الطائف السريع.
ويوجد في القرية كثير من المقتنيات والقطع الأثرية والوثائق، التي اهتم بحفظها أحد أفراد القرية وهو صالح القناص، حيث أقام متحفًا في قصر والده محمد صالح القناص آل عليان العمري.
ويتكون المتحف من ثلاثة أدوار وقد بني من الحجارة الضخمة المحلية، وسقف من أشجار العرعر، وعملت أبوابه من أشجار الطلح القوية.
ويقع هذا القصر في أول القرية ويوجد به ما يزيد على ثلاثة آلاف قطعة أثرية منوعة وموزعة على أقسام عدة. وتم تخصيص الدور الأول للأدوات الزراعة بجميع أنواعها. أما الدور الثاني فلأدوات المطبخ وجميع احتياجات الأسرة داخل البيت. والدور الثالث موزع على ثلاثة أقسام القسم الأول ملابس الرجال، والأسلحة القديمة على اختلاف أنواعها، والقسم الثاني ملابس النساء وحليهن، وكل مستلزماتهن. القسم الثالث خصص للوثائق والمخطوطات، والصور الفوتوغرافية القديمة، والصحف القديمة، والكتب، والمصادر التاريخية.
قصر الحضارات بالنماص
يعد قصر الحضارات التراثي المقصد السياحي الأبرز في محافظة النماص، حيث يتوافد السياح والزوار على هذا المبنى المميز في شكله وتصميمه..
ويعد القصر معْلمًا سياحيًّا بارزًا يلفت الانتباه ويجلب الأنظار ويستوقف زائري منطقة عسير فوق قمم جبال السروات، كما أنه محطة رئيسة لزوار المحافظة من المسئولين..
ويوجد العديد من المساكن بجوار القصر، والتي شُيِّدت جميعُها على طراز المنطقة التراثي وتتوافر فيها الخدمات التي يطلبها الزائر، وتطل على ما يسمى «الصدر»؛ مما يجعل الزائر يقضي وقتًا ممتعًا..
وفي الجهة الغربية للقصر، توجد حديقة حيوان، تم اصطياد غالبية تلك الحيوانات المفترسة، والأليفة من المنحدرات القريبة من قرية المقر التراثية؛ كالذئاب والصقور، والأفاعي، وغيرها.
ويحتضن قصر الحضارات أو «قصر المقر» آلاف المخطوطات والقطع التراثية التي تعود إلى مئات السنين، وتم تزيين القصر بالزخارف الإسلامية كما يوجد بساحة القصر من الخلف شقق واستراحات لخدمه الزوار القادمين من مناطق بعيده تطل على تهامة.
وقد استخدم صاحب القصر (محمد المقر الشهري) أكثر من مليوني حجر طبيعي من جبال عسير بتكلفة تفوق الـ80 مليون ريال سعودي لتكون من شواهد براعة هذا الإرث التاريخي.
قصر ثربان التاريخي..
يعد قصر ثربان التاريخي بمحافظة النماص شمال منطقة عسير من أهم المواقع التراثية التي تستقبل الزوار والسياح من مناطق المملكة.
ويعد قصر ثربان من أهم المعالم التراثية والتاريخية في المنطقة بشكل عام، والمحافظة بشكل خاص، إذ يعود تاريخ بنائه نحو 200 عام، وهو أحد القصور الستة في الحي التاريخي بالنماص، ويتكون من مبنى رئيسي من 5 أدوار متكررة، و4 ملاحق خارجية، وساحتين للقصر، بالإضافة إلى مسجد.
وفي الفناء الخارجي للقصر، بستان في إحدى زواياه بئر لسقيا ساكني القصر والري.
ويحكي القصر فن العمارة في المنطقة من حيث التوزيع ونمط البناء، استخدم في بناء القصر وملاحقة الأحجار، ومادة طينية معالجة للربط بين الأحجار، وأسقفه من خشب العرعر، يصل سمك البناء (المتن) في اسفل القصر إلى أكثر من 120سم.
وقد تم الانتهاء من أعمال الترميم بالمرحلة الأولى في مشروع ترميم إنقاذي لقصر ثربان، تضمنت مرحلة الترميم الإنقاذي معالجة الأضرار في بعض المباني الملحقة بالقصر ومعالجة الشروخ وتهيئة المبنى لأعمال التأهيل الشامل بعد انتهاء الدراسات التوثيقية..
القرية التراثية في ظهران الجنوب
في وسط الوادي الذي تتربع عليه ظهران الجنوب تقع القرية التراثية بمبانيها التراثية القديمة وأزقتها الضيقة وأبراجها الطويلة لتشكل إحدى أهم القرى التراثية في المنطقة.
وتحوي القرية السوق التجاري القديم وسط محافظة ظهران الجنوب بالإضافة إلى الحي القديم والمعروف بقرية الحوزة الأثرية.
وتحوي محافظة ظهران الجنوب الواقعة في الجنوب الغربي من المملكة العربية السعودية «140كم جنوب مدينة أبها» على كنوز أثرية ذات قيمة تاريخية.
ويلفت نظر الزائر لهذه المحافظة آثار النقوش والرسوم وصور الجمال والقوافل العابرة والكتابات السبئية والثمودية التي تحكي فصلاً من تاريخ التجارة العالمية القديمة، فقد كانت قريش تسلك هذا الطريق بقوافلها في رحلة الشتاء إلى اليمن، كما أن مسجد الصحابي الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالثويلة، ومسجد خالد بن الوليد -رضي الله عنه- جنوب المدينة من أشهر المعالم الأثرية بظهران الجنوب.
ومن أشهر المواقع الأثرية بظهران الجنوب التي ما زالت معالمها موجودة إلى الآن آثار طريق الفيل وهو الطريق الذي سلكها أبرهة الأشرم حينما حشد جيشاً في رحلته المشؤومة لهدم الكعبة المشرفة، حيث قام جيشه برصف الطريق بالحجارة ليسهل مرور الفيلة عليه وما زالت بعض من آثار هذا الطريق واضحة للعيان في منطقة المصلولة وقاوية والثويلة «12كم شرق المحافظة»، والمبرح والمجمع شمال المحافظة حيث سلكت قريش طريق الفيل في رحلاتها المشهورة لليمن في فصل الشتاء والتي ورد ذكرها في القرآن الكريم.
ومن أبرز المعالم الأثرية بظهران الجنوب الرسوم والنقوش التي توضح بجلاء حضارات عاشت في هذه المنطقة، ووثقوا طبيعة حياتهم اليومية على صخور جبال المبرح، وجبال كتام، وجبل عزان، تمثلت في رسوم الحيوانات مثل: الوعول، والجمال، والخيول، وبعض الكلمات والخطوط المبهمة التي لا يعرف لها تاريخ محدد، فضلا عن موقع أثري يعرف بالمجمع تابع لمركز الفيض شمال المحافظة يوجد به رسومات ونقوش وكتابات باللغة العربية غير المنقوطة والتي فقدت أهميتها نظراً لاختفاء معظمها نتيجة للإهمال وعدم المحافظة.
وما يميز ظهران الجنوب أيضًا القلاع والحصون الحربية التي اندثر جلها بسبب عدم العناية بها، ولم يبق منها إلاّ قليل تميزت بروعتها المعمارية الفريدة وطرازها الهندسي الجذاب، فضلا عن قوة مبانيها المشيدة من خامات البيئة (خلب الطين، والخشب، والحجارة).
وهذه المعالم تعكس الوجه الحضاري لظهران الجنوب خلال العصور الماضية، وليس أدل على ذلك من القرية الأثرية وحصونها في الحي القديم للمحافظة الذي يوجد به مسجد أثري وبئر منحوتة في الصخر يقال إن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- هو من بناها عندما بعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لقبائل همدان.
قرية آل خلف
قرية آل خلف التراثية يعود تاريخ انشائها لأكثر من 500 عام.
وللقرية خصوصيتها في البناء، حيث تتوافر فيه دقة التنفيذ والمتانة والقدرة على تحمل العوامل الطبيعية, والزائر للقرية يرى أن هناك طابعاً خاصاً لكبر حجم القرية وارتفاع المباني القديمة وتشابكها وتعدد أدوارها، حيث يوجد 17 منزلاً متشابكة مع بعضها البعض، ولها سطح واحد فقط تخترقها شوارع «أنفاق وأزقة» ولها منعطفات كثيرة وتتخللها فتحات جانبية لإضاءة الإنفاق والأزقة، وهذا النوع من البناء فريد في منطقة عسير، حيث يوفر الحماية الأمنية لأهالي القرية أيام الحروب، وقد ارتبطت عمليات البناء بخامات البيئة المحلية من حجر الطين، حيث تبنى الأسس من الحجر بعد ذلك يتم الإعداد لبناء «المداميك»، وبها العديد من الشوارع والأزقة والسراديب الطويلة التي تخترق القرية طولاً وعرضاً من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وهي تتميز بالدقة في الإبداع في بنائها وهندستها,
وهذه الأزقة توفر القوة والمتانة للمنازل المتشابكة كما أن هذه الأزقة تأخذ الطابع الحربي فهي توفر الحماية الأمنية لأهالي القرية وقت الشدائد والحروب وأثناء وقوع حصار للقرية تعطيهم حماية أمنية فائقة لا تتوافر في قرية أخرى.
الممرات والقصور تزين الوسط التاريخي في النماص
يمثل الوسط التاريخي بمدينة النماص أحد المواقع التراثية التي تتميز بأصالتها وجمال عمارتها، خاصة مع بقاء الكثير من المباني والجدران الحجرية على هيئتها.
والوسط التاريخي في النماص عبارة عن مبانٍ متعددة الأدوار يصل بعضها إلى خمسة أدوار مبنية بالأحجار الضخمة يصل سمك بعض الجدران إلى مترين، وأبوابها من خشب الطلح، وأسقفها من خشب العرعر.
ويعد قصر ثربان من أهم المعالم التراثية والتاريخية في المنطقة بشكل عام، والمحافظة بشكل خاص، إذ يعود تاريخ بنائه نحو 200 عام، وهو أحد القصور الستة في الحي التاريخي بالنماص، ويتكون من مبنى رئيسي من 5 أدوار متكررة، و4 ملاحق خارجية، وساحتين للقصر، بالإضافة إلى مسجد.
وفي الفناء الخارجي للقصر، بستان في إحدى زواياه بئر لسقيا ساكني القصر والري.
ويحكي القصر فن العمارة في المنطقة من حيث التوزيع ونمط البناء، استخدم في بناء القصر وملاحقة الأحجار، ومادة طينية معالجة للربط بين الأحجار، واسقفه من خشب العرعر، يصل سمك البناء (المتن) في أسفل القصر إلى أكثر من 120سم.
أكثر من 200 موقع أثري وتراثي في بيشة
تعد محافظة بيشة جنوب المملكة من المناطق التي تكتنز موروثاً حضارياً مهماً.
وكشفت الدراسات التاريخية الحديثة والقديمة عن توزع الاستيطان البشري في شمال محافظة بيشة وجنوبها التابعة لمنطقة عسير عن آثار، ورسوم، ونقوش مختلفة على صخور وجبال بيشة بلغت نحو 10 آلاف نقش ورسم صخري منها: موقع الحَماء في مركز الثنية الذي وجدت فيه آثار تزيد على 1300 نقش صخري، و50 نصًا كتابيًا، لفتت أنظار العديد من الباحثين والدارسين في مجال التراث القديم.
وتمكن الباحثون من رصد مواقع أثرية وجد فيها منشآت حجرية قديمة، ورسوم ونقوش صخرية، وآثار متنوعة تحكي عن حقب زمنية عاشتها مجموعات بشرية في بيشة أو مرت بها في مراحل ما قبل الإسلام، وفي صدره، ومع بداية الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، واشتهرت معظمها بالبناء الهندسي المثير للتساؤلات لا سيما الأشكال المختلفة التي تقع على ممر الطريق التجاري القديم.
وعُرف في محافظة بيشة ومراكزها انتشار الأسواق القديمة والمباني كون هذه المحافظة كانت قديماً ممراً للقوافل التجارية القديم وأولها الطريق المعروف بدرب البخور، وأيضاً كانت ممراً لحجاج جنوب شبه الجزيرة العربية.
ومن المواقع الأثرية والتاريخية في بيشة قصر شعلان وقرية الكليات بتبالة، وحوطة مطوية وطريق الفيل والطريق التجاري القديم بالثنية، وغيرها من مواقع الرسوم والنقوش والكتابات الصخرية، حيث تعد من أهم المواقع الأثرية في المحافظة.
ويزيد عدد المواقع الأثرية في محافظة بيشة على 203 مواقع، منها 89 موقعًا للرسوم والنقوش الصخرية، تحتوي على 5090 رسمة و931 نقشًا كتابيًا، تتصدرها النقوش الإسلامية بعدد 539 نصًا يعود تاريخ معظمها إلى القرن الأول الهجري، ثم 334 نصًا تعود للنقوش الثمودية، فنقوش المسند الجنوبي بعدد 49 نصًا، ثم نقوش الخط النبطي وعددها تسعة نصوص.
قلعة شمسان
قلعة تعود لفترة حكم الدولة العثمانية، وتقع القلعة في مدينة أبها أمر ببناء القلعة الوالي العثماني محيي الدين باشا 1331- 1337هـ على قمة جبل شمسان، ويبلغ ارتفاعها حوالي 2300م فوق سطح البحر، حتى تقوم بحماية الطريق القادم من عقبة شعار شمالاً، حيث يُعد الطريق الرئيس الذي يربط مدينة أبها بالمناطق الشمالية، وقد استمرت هذه القلعة بوظيفتها العسكرية طول فترة الوجود العثماني إلى أن غادروها عام 1337هـ.