لكَ الحمدُ يا رباهُ يا منْ نُوحدُ
ويا من له دُون الخلائقِ نسجُدُ
لك الحمدُ والشكرُ الذي أنت أهلُُهُ
وأنت الذي في كلِّ حين نُمجِّدُ
بك يا إلهي نستعينُ ونهتدي
وإياكَ يا رب السمواتِ نعبُدُ
فأنت الذي تعنُو الوجُوه لِوجهِهِ
وأنت الذي نسعى إليكَ ونحفِدُ
وهبتَ لنا الخيرَ الكثيرَ تكرُّماً
ونُعْماكَ لا تُحصى ولا تَتَعدَّدُ
وهبت لنا أمناً ومالاً وصحةً
وستراً به نحيا الحياةَ ونسعدُ
وهبتَ لنا الأولادَ قرةَ أعينٍ
فهم زينةُ الدنيا التي نتقلَّدُ
وثنيت بالأحفادِ فضلاً ومنةً
فكلُّ حفيدٍ درةٌ حينَ يولَدُ
أيا ليلةَ الاثنينِ يا خيرَ ليلةٍ
على طُولها بتنا نُغنيِّ ونُنشِدُ
سعِدْنا بضيفٍ حلَّ بين جوانِحٍ
تُهنى به مسرورةً وتُرددُ
نُحيِّيكَ يا أغلى حبيبٍ أتيتَنا
كأنَّك فينا شمعةٌ تتوقَّدُ
فأنتَ الحفيدُ المُحْتَفَى بقدومِهِ
وأنت الذي بين المواليدِ فَرْقَدُ
ألا إنما الأحفادُ أغلى هديةٍ
يفوزُ بها الأجدادُ والله يشهدُ
إذا شابَ رأسُ الجدِّ ألفيتَ أنهُ
بكلِّ حفيدٍ عمرُهُ يتَجَدَّدُ
لقد عُدْتُ من بعدِ المشيبِ الذي ترَى
شباباً وقلبي حُزنُهُ مُتَبَدِّدُ
أرَى كلَّ طفلٍ في الحياةِ متوَّجاً
بتاجٍ من الحبِّ على الرأس يُوجدُ
يلاعبُهُ والدهُ كلما صَحَا
وإن نامَ تحنو أمُّهُ وتُهَدْهِدُ
وأجملُ حبٍّ في الحياةِ تبسُّمٌ
بريءٌ على ثغرِ الحبيبِ مُجسَّدُ
لقد فرحتْ واستبشرتْ بقدومِهِ
قلوبٌ لها بالطبع حبٌّ مؤَكَّدُ
فجداهُ هذان اللذانِ هما على
موائد همْ لحمُ الخرافِ مقدَّدُ
لقد كان في البيتينِ عندي وعندهُ
وعند الأثافي من يُسَوْطُ ويعْصِدُ
وأما الأحباءُ الذين تجمعوا
أمامي وقالوا لي متى ستُعيِّدُ
فقلتُ غداً فانتظروا يا أحبتي
بلا مللٍ ما سوفَ يأتي به الغدُ
وقد كاد قلبي أن يذوبَ صبابةً
وكاد دمي من فرحتي يتجمَّدُ
لقد زادهم حُباله فتعلقوا
بهذا الحفيدِ المرتجى فتزوَّدُوا
فأهلاً وسهلاً ثم أهلاً ومرحباً
بطفلٍ بديعُ الشِّعْر فيه مجوَّدُ
وهذا أبوهُ اليومَ فيما يرومُهُ
له باختيار الإسم رأيٌ محدَّدُ
فسماه باسمي عامداً مُتَعَمِّداً
فشكراً جزيلاً أيها المُتعمِّدُ
لقد قلتُ سَمُّوا ذلك الطفلَ أحمداً
أخو حاتمٍ أولى من الجدِّ أحمدُ
وقد كنتَ طولَ الوقتِ غادٍ ورائحاً
تُقرِّبهُ من جدِّهِ وتُبعِّدُ
جلسنا كباراً وصغاراً بقربِهِ
ونحنُ إليه كلنا نتودَّدُ
يُقبِّله هذا وتلكَ تضمُّهُ
إلى أن توارى خَدُّهُ المُتَوَرِّدُ
شكا بلسانِ الحالِ ممن يضمُّهُ
كأني به في مهدِهِ يتوعَّدُ
أقول بصدقٍ للحفيدِ الذي أتى
حديثاً إلينا والإلهُ مؤيِّدُ
تعلَّم فإن العلمَ يسمُو بأهلِهِ
عساك إلى العلياءِ ترقى وتَصعَدُ
وأما أنا يا من تساءلتَ من أنا
أنا ذلكَ الجدُّ الأبيُ المحمَّدُ
أنا الشاعرُ المطبوعُ ما من تكلفٍ
وما من غُموضٍ والغموضُ منكِّدُ
أقولُ لصحبي حينَ يشتطُّ بعضُهُم
ألا قارِبوا في كُلِّ حالٍ وسدِّدُوا
طريقُ الفتى نحو العلا مستقيمةٌ
ومن يحسن التقديرَ لا يتكبَّدُ
وما كنتُ ممن يُتهمُونَ تِهامَةً
ولكنني والحمدُ لله مُنجِدُ
بلغتُ المنى أو فزتُ يوماً ببعضها
ومن فازَ يوماً بالمنى كيفَ يجحدُ
بنفسي ونفسي حُرةٌ وأبيَّةٌ
أُدَاوِي جراحي كُلَّها وأُضَمِّدُ
وكم كان في يُمنى الفتى قلمٌ بِهِ
يخط وفي تلك اليمينِ مُهنَّدُ
وكم صال في طول البلادِ وعرضِهَا
على نوم أهلِ الكهفِ لا يتعَوَّدُ
يذودُ عن الأوطانِ من غيرِ منَّةٍ
بجدِّ وإخلاصٍ ولا يتردَّدُ
وما زالَ حتى اليومِ رغمَ مشيبِهِ
يكذبُ أقوالَ العِدَا ويُفنِّدُ
بلادي وما أغلى بلادي وأهلَهَا
أنا ضِدُّ من يبغي عليها ويحقِدُ
أنا من رجالِ الأمن قلباً وقالباً
أنا رافدٌ للأمنِ والأمنُ يُرفَدُ
تقاعدتُ إلا أنني متواصلٌ
وما كُلُّ من قالوا تقاعَدَ يقعُدُ
تقاعدتُ بعد الأربعينَ ونِصْفها
وإني على طولِ الزمانِ مجنَّدُ
ومرتْ به الأيامُ لا تحتفي بِهِ
ويدري بأنَّ الحظ شيءٌ مؤكَّدُ
أنا الآن مسرورٌ وفي خير حالةٍ
فلا القلبُ محزونٌ ولا الفكرُ مُجْهَدُ
ولستُ شباباً فالشبابُ قد انقضى
ولكنني فوقَ السريرِ ممدَّدُ
وأدبتُ نفسي والأديبُ المؤدًّبُ
يقولُ الذي لم يستطِعهُ المبرٍّدُ
أنا ما تزيَّدتُ على الناسِ مرَّةً
وأخبثُ ما في الناسِ أن يتزيَّدُوا
أقولُ وقولُ المرءِ في كلِّ مجلسٍ
له أو عليهِ والمقالاتُ تُنقدُ
إذا قُلتَ فاسندْ ما تقولُ لأهلِهِ
بغير ادعاءٍ هكذا الحُرُّ يُسنِدُ
أناسٌ تعيبُ الصمتَ والصمتُ جيدٌ
ولكنَّ قولَ الحقِّ أجدى وأجوَدُ
قنعتُ برزقي في الحياةِ قناعةً
لعلي بتقوى خالقي أتزوَّدُ
ألستم معي أنَّ القناعةَ وحدَهَا
هي ذلك الكنزُ الذي ليسَ ينفدُ
تُرَى ما هو العمرُ الذي سأعيشُهُ
إذا كانَ لي في الأرضِ صرحٌ مُمَرّدُ
أقدِّمُ نفسي للجميع كما أنا
بغيرِ انتفاشٍ يزدريه المُمَجَّدُ
وكم سرني أني أقلُّ تكلفاً
وأكثرُ حزماً حين تمتدُ لي يدُ
أنا هكذا سهلٌ وتلكَ سجيتي
وهل يُتعب الإنسانَ إلا التشدُّدُ
أعود إلى هذا الحفيدِ الذي به
سُرِرْتُ كثيراً حين جاء يُغرِّدُ
أعودُ إليه باسماً مُتَشَوِّقاً
لما لا أعودُ الآن والعَوْدُ أحمدُ
حفيدي رصيدي في الحياة إذا خلا
رصيدي من البنكِ الذي كُنتُ أرصُدُ
أنا يا وجوه الخيرِ بالله أشهدُ
بأنَّ الحفيدَ اليومَ للبيت سيدُ
لقد كنتُ يوماً سيد البيتِ فإذا
به سيدُ البيتِ الذي يتسيَّدُ
وكم صادني عند المشيبِ محمدٌ
وقد كنتُ أيام الصبَا أتصيَّدُ
وكم طابَ لي عيشي بقربِ مُحمدٍ
حفيدي ولا زالَ يطيبُ ويرْغَدُ
فرحتُ به من حيثُ أدري بأنني
وإن طال عُمري بالرحيلِ مهدَّدُ
لئن عشتُ يا بن الإبن حققتُ بعض ما
تُريدُ من الجدِّ الذي يتعهَّدُ
وإن متُّ فالأرضُ التي عشتُ فوقها
زماناً طويلاً ما عليها مُخلَّدُ
وما العمرُ إلا بيدِ اللهِ وحدهُ
يُقصِّرُهُ عن حكمةٍ ويُمدِّدُ
لقد عشتُ حراً لا أمامي عوائقٌ
ولا فوق رأسي غيمةٌ تتلبَّدُ
وحسبي شموخاً واعتزازاً وغبطةً
إذا كان لي قولٌ وفعلٌ مُسدَّدُ
ولي قصةٌ تَرْوي كفاحي وربما
يُحدثكم عنها الحفيدُ مُحمَّدُ
** **
- الرياض الاثنين 26/8/ 1430هـ الموافق 17/8/ 2009م