أحمد بن عبدالرحمن الجبير
تمضي المملكة قدماً باتجاه هيكلة قطاعاتها ومؤسساتها، وفقاً لمتطلبات المستقبل، وحوكمة شديدة ترعاها رؤية المملكة 2030م، وهذا كله يفضي بالمحصلة إلى ترشيق الإدارة، وخفض نسب الهدر ومكافحة الفساد، وزيادة القدرة النوعية في دعم الاستثمار، وفرص العمل، وذلك في سبيل ضمان مستقبل أفضل للمواطنين.
ويأتي قرار الدمج في إطار حرص القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله- على توحيد الجهود، والاستفادة من الموارد المالية، والبشرية السعودية، ورفع كفاءة الأداء، وزيادة مستوى الإنتاجية، وتوفير المعاشات التقاعدية للعاملين في القطاع الحكومي والخاص.
فتوحيد المؤسستين في مؤسسة واحدة، والذي سوف يشمل ما تقوم به مؤسسة التقاعد من خدمات لموظفي الخدمة المدنية والعسكرية، وما تقوم به التأمينات الاجتماعية من خدمات لموظفي القطاع الخاص، وجعلهما مؤسسة واحدة تحت إشراف وزارة المالية، وتعيين وزير المالية رئيساً لمجلس الإدارة.
وعليه فإن عملية الدمج تعتبر عملية إدارية، وتنظيمية لتنسيق الجهود، وتوحيد الإجراءات، والحماية التأمينية للقطاعين العام والخاص، وتلبية طموحات العملاء، وتحقيق تطلعاتهم، وتوفير أعلى مستويات الخدمة والكفاءة، وليس لها أي تأثير على آلية سير العمل، ومواعيد صرف المستحقات التأمينية لعملاء التأمينات، والتقاعد.
فالدمج سوف يطور وظائف الدولة، وتمكين القطاع الخاص بالقيام بالوظائف التي كانت تقوم بها الحكومة في السابق، وتطويرها حسب متطلبات برامج الرؤية السعودية 2030م، ودعم القطاع الخاص، وتأهيله ليكون قادراً على القيام بوظائف المجتمع الاقتصادية والمالية، فيما تركز الدولة - أعزها الله- على السياسات الخارجية.
كل ذلك يسهم بتأسيس قطاع خاص قوي، ومؤهل لبناء مجتمع وطني قادر على إدارة مؤسساته وإيجاد موارد عديدة للمملكة، والمساهمة في بناء اقتصاد سعودي متعدد الموارد، ويرتكز على استخدام التكنولوجيا الرقمية، والمعلومات الذكية في بناء مؤسسات الدولة الاقتصادية، والثقافية والسياسية.
إضافة إلى ذلك فإن الدمج سيوفر للموظفين مزايا الانتقال، والاندماج في القطاع الخاص بسهولة ودون عناء في المؤسسة الجديدة بكفاءات بشرية تقنية، والذي سوف يؤدي إلى زيادة أصول المؤسسة الجديدة ما يتيح لها فرصاً تنويع استثماراتها، وزيادة عوائدها المالية، ويعزز من قدراتها التشغيلية والإدارية.
فالدمج لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة تجارب عديدة، ودراسات وبحوث، والاستفادة من تجارب الدول في تأسيس مؤسسة واحدة تقوم بمسؤولية صرف عوائد المتقاعدين، والتركيز على زيادة فرص الاستثمار، وتجويد أداء العمل، واتخاذ القرار الرشيد، وعدم التورط في مشاريع لم تحظى بالدراسات الكافية.
ومن فوائد دمج المؤسستين زيادة قدرتها على التفاعل مع متطلبات المرحلة الحالية، والمستقبلية وتحقيق التنمية الاقتصادية الوطنية، ورفع كفاءة الاستثمارات، وترشيد الإنفاق، وإصلاح الهيكلة الإدارية، وتفعيل برامج التحول الاقتصادي الوطني، وتوحيد التأمين لجميع المواطنين، وتحسين مواردهم المالية.
كما أن الدمج سيدعم توظيف شباب، وشابات الوطن في القطاعين العام والخاص، والوفاء بالتزاماتهم، وخفض النفقات، وتحقيق أهداف التخصيص إحدى مبادرات الرؤية السعودية 2030م ومنح الدولة - أعزها الله- التفرّغ للسياسات الخارجية، والعمل على توفير الأمن، والأمان للمتجمع السعودي.
** **
مستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية