خالد الربيعان
مباراة فرنسا وسويسرا قبل يومين كانت منتهية قبل أن تبدأ، بسؤال 90 % ممن يفهمون في كرة القدم: ومن لا يفهمون أيضاً، أول العالم في ربع النهائي مباراة سهلة أمام سويسرا التي هي في عرف كرة القدم مازالت تحبو.. أي تزحف كما الأطفال الذين زحفوا كما الأطفال هم الفرنسيين بقيادة.. دي شامب.. وبلاعبين نجوم عالم كما يقال بجنسيات مختلفة في ظل شعار واحد: بنزيما الجزائري.. بعد زيدان، بول بوجبا، نجولو كانتي، موسى سيسوكو.. الكثير بتتبع قائمة بطل العالم في زمن بلاتر وانفانتينو، الأمر الذي ينقلنا لحقيقة أن المال قد فشل في تسيير منظومة كرة القدم بمفرده.
لماذا.. يتضح في مثال كأن ترى مباراة كرة قدم عالمية بين كرواتيا وإسبانيا .. في بطولة كبرى، بتعليق أقل ما يقال عنه أنه «مؤذي»للأذن والنفس، وينفر الإنسان ويبعده عن الغاية النهائية بالنسبة له وهي الاستمتاع بهذه السلعة، فتبحث لتجد أن السبب في هذا الأذى لملايين من المشاهدين.. هو المال.. فقط.. لأنه احتكر تلك البطولة، وانفرد بإملاء ما يرى ويريد على كل تفاصيلها هي وغيرها بالطبع من فعاليات بطول وعرض الكرة.. الكرة الأرضية.
كانت لقطة المباراة وربما لقطة البطولة هي لحظة تصدي حارس سويسرا «قيمته السوقية 10 مليون يورو».. لضربة الجزاء الأخيرة من نجم المستقبل القادم كما قال بيليه.. والأغلى أيضاً..كيليان مبابي.. 190 مليون يورو، ليخرج بطل العالم في مفاجأة ما زالت تتكلم عنها الصحافة العالمية حتى اللحظة..
المال هنا لا يعبر مطلقاً عن الفرق بين المنتخبين.. ولا يترجم الأداء هنا وهنا طوال المباراة، كيف لمنتخب ضعيف خاسر بثلاثة أهداف أن يتعادل في نهاية المباراة «فرق لياقة بدنية أيضاً» بتسجيل هدفين ثم الحفاظ على التعادل مع منتخب كبير الأسماء وبه الأغلى عالمياً، يستمر لضربات الجزاء ثم يفوز بها..
كان بعض المال هنا تم انفاقه بشكل ما صحيح وتوظيفه جيداً له دور ربما.. مبلغ قيمته 400 يورو، ثمن نظارة سوداء بتقنية يابانية استخدمها حارس سويسرا في التدريبات، تعمل ببطارية وتخلق تأثير أبطأ من حركة الكرة في الواقع، الهدف منها تحسين توقع الحارس وزيادة صعوبة التصدي للكرة المسددة أثناء التدريب.
سقف الانتقالات المنفجر منذ سنوات والذي أدى في النهاية لمستوى كرة القدم المتردي كثيراً بالمقارنة بالسابق، والمرتبط بالمال فقط حيث تلعب وكالات اللاعبين ورؤساء الأندية الدور الأكبر في هذا، نفس المال المستخدم في الاحتكار وشراء الفعاليات وفساد التحكيم ..في أوروبا تحديدًا، وغير أوروبا بشكل عام.. لم يكن ضحيته إلا كرة القدم نفسها
فالتعاقدات المبالغ فيها أصبحت ديون على الأندية، تستلزم في النهاية خسارة مالية من جانب آخر لتسديدها، خاصة في ظل عدم وجود آليات واضحة للاكتفاء الذاتي المالي لأغلب الأندية، البث من جانب آخر أصبح محتكراً وقبيحاً مع ذلك، المشاهد يعاني.. ويدفع أيضاً اللاعب تقييمه أصبح خاطئاً فيذهب للمكان الخاطئ وربما الأعلى من إمكانياته الحقيقية.. فيجلس على الدكة ثم يرحل في النهاية.. هناك أندية عربية تشتري كل موسم أكثر من نصف فريق.. ومثلهم يرحلون.. لأن إداراتها لا ترى غير المال وسيلة للإدارة.. وربما لا تملك غيره..
+90: لا يمكنك الإبحار بمركب بمجداف واحد.. ستتحرك ربما.. لكن حركة بطيئة غير طبيعية..خاصة وأنك لست بمفردك.. بل يسابقك آخرون.. الفكر أيضاً مطلوب.