مها محمد الشريف
إن الصورة مألوفة بالتأكيد، من حيث اللقاءات بين دول مجلس التعاون الخليجي والتعاون في كل الحالات يلوح في الأفق منذ أمد بعيد، إذ استضافت العاصمة الرياض العديد من قمم قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية على مر العقود الماضية، ولابد أن نذكر الكثير من القرارات والتحولات الخليجية التي أثمرت نتائجها وتجسدت لصالح شعوب المنطقة كانت في العاصمة الرياض.
وفي أول لقاء رسمي منذ جائحة كورونا استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، سلطان عمان هيثم بن طارق في نيوم، وعقدت جلسة مباحثات رسمية مع سلطان سلطنة عمان، تتناول العلاقات الأخوية بين البلدين وسبل تعزيزها، والتعاون حول القضايا المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بشأن تأسيس مجلس التنسيق السعودي العُماني، بتشكيل فريق عمل مشترك بين جهاز الاستثمار العماني ونظيره السعودي، والاتفاق على تعزيز التعاون اللوجستي ومجالات النقل البحري والجوي والبري، وأيضاً تشكيل فريق عمل بين وزارة التجارة والصناعة العمانية ووزارة التجارة السعودية لتعزيز التبادل التجاري، وبيان سعودي عُماني يرحب بالتعاون في مختلف المجالات ومنها الاقتصاد والطاقة، كما نص البيان على دعم المبادرة السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية ورفع معاناة اليمنيين..
إن كثيرا من النقاط المشار إليها تخبر عن مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية، والتجارية والاستثمارية وتنبع أهمية تعزيز الشراكة بين البلدين من ضرورة الاستفادة من الفرص الاستثمارية الهائلة غير المستغلة حاليا والتي باستغلالها سيتم تعظيم الفائدة الاقتصادية بين بلدين يتوسطان خريطة العالم بين البحر الأحمر والخليج العربي وبحر العرب على المحيط الهندي.
بالتالي البلدان لهما رؤيتان واعدتان وطموحتان؛ رؤية المملكة 2030 ورؤية عُمان 2040، تهيئ لاقتصاد فترة ما بعد النفط وتنويعه بما يضمن الاستقرار والحفاظ على معدلات نمو مرتفعة، و2030 هي بمنزلة برنامج تحويلي طموح من شأنه أن يسهم في استدامة عملية التنمية الاقتصادية ليس في السعودية فحسب بل ستنعكس آثاره الإيجابية في المنطقة ككل، كما أن رؤية المملكة حددت أهدافا واضحة للغاية لتنويع الاقتصاد.
فتدشين الطريق البري الجديد بين البلدين الذي يسهم في تعزيز الحركة التجارية بين البلدين، والجزء الأكبر من الطريق يمر عبر السعودية، إذ يمر الطريق بالربع الخالي، ومحافظة الأحساء، ويبلغ طول الطريق 720 كليو مترا، كما أن الطريق سيشهد تنفيذ عدد من الخدمات اللوجستية والصناعية، التي تخدم الاقتصاد في البلدين، وسيمكن الطريق الصادرات السعودية من الوصول إلى بقية دول العالم مباشرة عبر بحر العرب، كذلك سيمكن الصادرات العمانية للوصول لكافة أسواق المنطقة العربية المحيطة بالخليج العربي، فقد تزايدت مظاهر التعاون المشترك وعززتها الجهود التي تقوم على هذا الأساس بتضافر مجموعة من العوامل المشتركة كالعوامل التاريخية والجغرافية والثقافية.
شراكة استراتيجية تتعزز بين المملكة وعمان والطريق الجديد بينهم سيعزز من الروابط الاجتماعية بالإضافة للمنافع الاقتصادية، وذلك طبقاً لما أكد عليه الجانبان بتدشين الطريق البري لحركة التجارة بين البلدين سيكون له انعكاسات إيجابية كبيرة على مجمل العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويعد المنفذ الحدودي الجديد الناشئ بين السعودية وسلطنة عمان من أهم المنافذ البرية، حيث إنه المنفذ الوحيد من السعودية إلى سلطنة عمان، وسيؤدي إلى خفض تكلفة شحن الواردات والصادرات وتقليل تكلفة النقل ويسهل التواصل بين الأفراد والمستثمرين، حيث يختصر الطريق الجديد المسافة بين الدولتين بما يقدر بـ800 كيلو متر تقريبا، والمحرك الذي يقود إلى مصلحة البلدين.