الهادي التليلي
اللقاء الهاتفي الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز والرئيس التونسي قيس سعيد في فترة تمكن جائحة كورونا بتونس بشكل صار يهدد العباد والبلاد على حد السواء، هذه الجائحة التي أخذت الكثير الكثير من الأصدقاء والأقارب ورفقاء الكفاح في الكتابة والإبداع.
هذه المكالمة لم تكن مجرد تواصل هاتفي بين زعيمين لهما من الأفكار والطموحات أكثر مما تبعده الجغرافيا بكثير كثير فولي العهد الذي كان على العهد وفيا لأخلاق وقيم المملكة ورؤيتها استجاب لطلب تونس في شخص رئيسها بالدعم والمساعدة على تجاوز االمخلفات الجمة لجائحة كورونا في أقرب الآجال وقيس سعيد يعلم جيدا أي الأبواب يطرق.
ولو نظرنا إلى تاريخ العلاقة بين البلدين نجد أنه بالود والمتانة ما يستحق مجلدات يفيض عنها الحصر ولا تتسع لصفحاتها الكتابة فالسعودية وتونس كما سلف وكتبت قلبان بنبض واحد، وقيس سعيد منذ توليه رئاسة البلاد التونسية وهو يحاول إخراج تونس من قمقم قاتم جاثم على صدر البلاد بما يشبه الغزو، إنه التشتت السياسي والتشرذم في القرار الناتج على دستور قد على مقاس كاتبيه حتى يفرغوا الرئيس من صلاحيته ويكون لهم ما يريدون من غنيمة بلد يعاني تفقير وتهميش مستعمريه السابقين كما يعاني من التخبط السياسي الذي يشهده المشهد التونسي، فمجلس النواب أصبح حلبة للتناطح بين الأطراف والأحزاب آخر همها البناء والتأسيس فيما ينام الشعب التونسي المعروف بثقافته ومكانته بين الشعوب في مهب عاصفة كورونا التي تعاملت معها الطبقة السياسية في تونس بكثير من الارتجال مغلبة مصالحها على مصلحة البلاد.
قيس سعيد الذي ضاق ذرعا بهم وبمن وراءهم ترك الصلاحيات جانبا وأخرج مؤسسة الصحة العسكرية إلى مختلف أروقة البلاد وفيافيها سعيا لمحاربة جائحة لا يقل خطر فواعل المشهد السياسي عنها، هذا الخروج إلى معركة مصيرية أرهق وأغضب الكثيرين لأن الأرقام المغلوطة والمعطيات المركبة مخرجاتها على المقاس ستفضحها الممارسات الميدانية لمؤسسة الصحة العسكرية، وفي هذه اللحظة واستباقا لما سيحصل أعلنت وزارة الصحة عن انهيار المنظومة الصحية في تونس بشكل أقرب ما يكون إلى الكارثي
وحتى المساعي المعلنة لإيجاد حلول جذرية من الفريق الحكومي الموالي لحزب النهضة تبين أنها مجرد فقاعات انتخابية خارج مدار الاستحقاق الانتخابي.
وبعد أن تبين للقاصي والداني بأن ما يحصل في الشارع التونسي هو موت جماعي بفعل الجائحة والتعاطي السلبي معها وصرخة الأطباء التي أسالت دموعنا وقهرتنا على بلد كان يعد مطمورة روما ويكنى بتونس الخضراء.
بعد اليأس من حلول لا تأتي أخذ قيس سعيد الذي لا ينتمي لأي حزب ولا غطاء سياسيا له سوى الشعب المبادرة مرة ثانية في لحظة صعبة على كل التونسيين حيث يخيم الموت في كل مكان، والجميع مهددون بمغادرة أحبائهم في كل لحظة وآن أخذ قيس سعيد المبادرة وتواصل مع الزعماء الذين لا يتأخرون على بلدهم الثاني تونس في هذه اللحظات وتواصل مع أخيه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ملهم الشباب وفارس العهد السعودي الجديد الذي كان كعادته على موعد مع التاريخ، حيث عبرعن استعداده للمساعدة في كل ما تحتاجه تونس الشقيقة في هذا الظرف الصعب من تاريخها في هذه الأزمة، السعودية التي كانت السند الكبير للبشرية في الجائحة وساندت العديد من بلدان العالم، وقدمت مبادرات لمساعدة البلدان الأكثر فقرا خلال قمة مجموعة العشرين تقف الآن ومن خلال تجاوب ولي عهدها مع شقيقته تونس في وجه كورونا وناحتة لوحة أخرى من الأخوة السعودية التونسية وهي الرسالة التي رأى فيها قيس سعيد موقفا رائعا استحق الثناء الرسمي والشكر الجزيل على المبادرة.