خالد بن حمد المالك
أدى بشار الأسد القسم أمام مناصريه ليحكم سوريا بالحديد والنار سبع سنوات قادمة، تضاف إلى واحد وعشرين عاماً مضت منذ تولى السلطة خلفاً لوالده حافظ الأسد، وهذا يعني أنه سيحكم سوريا ثماني وعشرين سنة، وقد تمتد إلى أكثر من ذلك، إذا كتب الله له الحياة.
* *
الدول الكبرى تريده أن يظل ممسكاً بمقاليد الحكم، فهو خيارها، وما من سوري شريف يقبل بما قبل به بشار الأسد، حيث احتلال الأجنبي لبلاده، والقبول بتهجير السوريين خارج بلادهم، وتدمير البلاد، وإضعافها أمام أي تهديد مستقبلي لمصالح السوريين.
* *
في خطاب التنصيب لسدة الحكم، بحضور عدد من مناصريه، تحدث بشار الأسد عن استقلال سوريا، وصمود السوريين، وكيف حافظت قيادته على وحدة سوريا واستقلالها، وسط تصفيق حاد من حضور تم انتقاؤه بعناية فائقة، إما من مناصريه، أو من الخائفين من بطشه، متجاهلاً ما يجري على الأرض، وعلى الواقع المشاهد الذي مزق سوريا، وجعلها تحت الوصاية الأجنبية.
* *
فسوريا اليوم مستعمرة بامتياز، وقد تقاسمتها دول وتنظيمات عدة تحت مظلة نظام بشار الأسد، فروسيا اقتطعت ما يلبي مصالحها، وأمريكا أخذت نصيبها من الأرض، وتركيا اختارت ما يناسب توجهاتها، وإيران مُنحت ما طالبت به، وحزب الله يحارب في معركة سوريا ضد السوريين الشرفاء، هكذا هو حال سوريا التي يتحدث بشار الأسد عن وحدتها واستقلالها، ويتندر بالسوريين الذين فضلوا أن يتركوا بلادهم مرغمين على الهجرة إلى الشتات.
* *
وهذه ثاني ولاية يُختار لها بشار الأسد من مناصريه والخائفين منه في ظل أجواء الحرب، ليكون رئيساً بالإكراه لسوريا في احتفالية سينمائية لم يُنصب رئيساً في العالم بهذه الأبهة والإخراج كما تم مع بشار الأسد، وكأن البلاد ليست في أجواء حرب، موهماً بذلك من هو خارج سوريا، مطمئناً العالم على أنه يحكم سوريا، وهو بالتأكيد ليس كذلك، لأن سوريا قُسمت بين مجموعة دول، كل منها وما طلبته، وما يتوافق مع مصالحها، وليس لبشار الأسد إلا قطعة من الأرض السورية كغيره من دول الاستعمار.
* *
على أن الشعب السوري لن يقبل بهذا الوضع، ولن يُسلم أمره لا لبشار الأسد، ولا للدول التي تحتل سوريا، وسيواصل العمل من أجل تحرير ما اغتصب من أراضيه، ولن يقبل بما قبل به بشار الأسد، سواء من هم لا يزالون في سوريا، أو من اضطروا إلى مغادرتها إلى الخارج.
* *
وأي كلام يُقال عن الوضع في سوريا ويُخالف الواقع، سواء من بشار الأسد أو من غيره، لن يكون مقبولاً، ولن يكتسب صفة المصداقية، طالما أن الأمن والاقتصاد في ظل بقاء القوات الأجنبية باقٍ على ما هو عليه، وطالما أن نظام الأسد يقبل طائعًا أو مكرهًا استمرار احتلالهم لسوريا دون وجود موعد محدد لمغادرة ما احتلوه من أراض سورية، وهو ما كان يجب أن يعرفه بشار الأسد قبل أن يلقي خطابه الذي لم يُقنع به أحدًا.
* *
كلنا ثقة وأمل بأن يومًا سيأتي وتحرر فيه سوريا من مغتصبيها، وتعود إلى الجامعة العربية، حرة وأبية، يستظل بظلها أهلها من إخواننا السوريين، في أمان واستقرار، بعيدًا عن الصراعات الداخلية والخارجية التي تمس مصالح الشعب السوري في الصميم.