د. خيرية السقاف
سألته قبل يوم من سفره:
1442
بأي الأحمال ستذهب؟!
هل حمَّلناك عنَّا ما تطيب به رحلتك؟!..
أو تُرانا غفلنا عنك بأوجاعنا, وأوهامنا, واستغراقنا
في متاهات دنيانا؟!..
بركضنا المتعثِّر بسراب وعودنا؟!
بتماهينا مع أمانينا؟!..
بالدروس التي صعبت علينا مفاتيح أسرارها,
وغرقنا في سراديب غموضها؟!..
أيُّ سيرة ستقرأها عنَّا؟!
وقافلتكَ ستغادرنا؟!
ولم يجب, ذهب ولم يتلو علينا السيرة, ولم يعبأ بدلق مواجعه بين أيدينا!!..
ذهب والناس في تلاهٍ عنه....
استبدلوه بغيره..
نسوا امتداد أيامه, ومطالع لياليه, ونواهي شهوره..
حتى الذي أتى غفلوا عنه..
وكثيرهم لا يدري..
إلا الذين استقبلوه بخفقة رجاء, ولهجِ لسان,
بكلمات تتراقص في الوجدان: «اجعله ربنا هلال خير»,
وأيام هدى, وساعات بشرى, وصباحات سلام, ومساءات أمان..
ذهب وقد تكبَّدت أيامه أنين مرضى, وضراوة أشرار,
وقيود وباء, وأحزان فقد..
ذهب ولأيامه مع الناس وجه آخر:
منجزات تتسارع, وأحلام لا تتواضع, وإضافات تتصارع
أيها تنجو وتبقى, وأيها تنهزم وتفنى..
ذهب وبين يدي النازل اليوم أودع أماني لا تذبل,
وأحلاما لا تهبط,
وطموحاتٍ لا تتشظى
ملأ بها كفّيْه وسلَّم..
تركنا نتلو السيرة التي طواها في رحاله,
ومضى..
وبيننا حلَّ الجديد
بقوس هلاله كزند أم رؤوم يبث في النفس أمنيات الخير,
والبركات, والدعوات الطيبات لكل الذين يتلون أول سطر
في السيرة مع هذا الضيف «1443»
أي محابرنا ستمدُّها؟
بأي الألوان سيخطها, بكم من الأوراق سيمدها؟
بكيف سيكون نُزله بيننا؟
وبماذا تكون ضيافتنا له قبل أن يتركنا ثم يمضي عاجلا
مستعجلاً كالذي ذهب أمسَ بسيرتنا قبل أن نتلوها معه؟!..