أحمد بن محمد الشريدي
ليس هنالك أصعب من الفقد ومر الرحيل ومن قساوة الخبر والفاجعة خصوصاً إذا كان قريباً أو صديقاً أو رجلاً غالياً وعزيزاً تربطنا به العشرة والمواقف المشرفة والسيرة العطرة، ولكن هكذا هي سنة الله في خلقه، لا شفاعة في الموت ولا مفر منه، وكلنا راحلون فهادم اللذات لا يعرف مريضاً أو سليماً، فهنيئاً لمن اعتبر واتعظ وصبر واحتسب، وهنيئاً لمن لاقى ربه وقد صلح عمله، وهنيئاً لمن رحل عن الدنيا وترك سيرة طيبة مع الجميع ومن الجميع، كل من يسمع أو يسرد اسمه يردفها بكلمة (الله يذكره بالخير) فيحظى بالحسنيين خير الدنيا والآخرة ويدرك أن الموت راحة للأتقياء، وموعد في حقهم اللقاء..
وبقلوب يملؤها الحزن والأسى والإيمان بقضاء الله وقدره نعى الوسط الإعلامي والثقافي في المملكة العربية السعودية أُستاذنا القدير محمد بن أحمد الشدي الكاتب والأديب ورئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون ورئيس تحرير مجلتي اليمامة والجيل سابقاً، وعلم من أعلام الوطن في مجال الثقافة، وأحد القامات الإعلامية في المملكة العربية السعودية..
تغمده الله بواسع رحمته وغفرانه وأنزله منازل الصالحين من عباده وأسكنه فسيح جناته..
أبو عبدالعزيز تشرفت بمعرفته عن قرب منذ ربع قرن تقريباً، تحديداً مع بداية مزاولتي مهنة الصحافة فكان نعم الأستاذ والأخ والصديق والأب والموجه، الذي كسب الجميع بجمال شخصيته العذبة وما ينعم به من صفات وسجايا، فهو القيادي المحنك، والمثقف الرزين، وصاحب الفكر النير ورجاحة العقل، وصاحب الخلق الرفيع والتواضع الجم، وصاحب القلب الكبير، وصديق الجميع الذي احتضن بكل الحب الكثير من الكوادر الإعلامية والوطنية، وتتلمذ على يده العديد من النخب الثقافية والقيادات الصحفية، وهو رائد المبادرات الإنسانية والاجتماعية، وهو أحد أبرز أبناء وأعيان محافظة حريملاء المخلصين الذي بذل جهودًا حثيثة مع الأهالي بكل تفاعل واهتمام، للوقوف والمتابعة مع الجهات ذات العلاقة لتنفيذ وإنجاز العديد من مشاريع التنمية الحيوية، وإنشائهم عدداً من اللجان، وعلى نفقتهم الخاصة، لتعم بنفعها الجميع، وتجسد صورة جميلة من التكافل والقرب الاجتماعي وتعكس الترابط وعمق الولاء للوطن والانتماء للمدينة، الذي تحول إلى خير للجميع وبفضل الله ثم فضل مبادرات أبو عبدالعزيز والأهالي البارين، أصبحت حريملاء نموذجاً يحتذى بهم في الانتماء والمواقف المشرفة.
تلك المبادرات الاجتماعية والإنسانية تؤكد ما يحظى به الفقيد من نخوة وطيب ووفاء ووصل وصلة وحب الخير.
(أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم).
هنيئاً لك أبا عبدالعزيز فالكثير من الخلق يدينون لك بالفضل بعد الله على مواقفك النبيلة ومساهماتك الخيرة.
لقد استثمرت خبراتك العملية والمهنية ومكانتك الثقافية والإعلامية لدعم ومساندة الكثير من الصحفيين، وسخرت وجاهتك ومكانتك الاجتماعية وبكل حب ورحابة صدر في الشفاعة وخدمة ومساعدة الناس القريب منهم والبعيد.
وعلى الصعيد الشخصي لن أنسى مواقفك معي التي لا تعد ولا تحصى، ولا أنسى نبلك وجمالك الذي يفوق الوصف، في جميع المناسبات ومن بينها مناسبات حريملاء.
لقد رحل من أحب الناس والناس أحبوه.. رحل «فقيد الثقافة»وسيبقى أثر رصيده الثقافي الثري، وموافقة النبيلة، وسيرته العطرة حية لا تموت..
رحم الله فقيد الوطن محمد الشدي وجعله في عليين في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأحسن عزاء شقيقه وصديقه ورفيق دربه الأستاذ علي الشدي، وعزاء أسرته ومحبيه وعظم أجر الجميع وربط على قلوبهم وألهمهم الصبر والسلوان.
إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا أبا عبدالعزيز لمحزونون.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.