دُعيت مؤخراً لإلقاء كلمة في حفل افتتاح دورة إعلامية تُنظمها حالياً إحدى المنصات الإعلامية الإلكترونية وفاء لزميلة انتقلت إلى رحمة الله تعالى مطلع شهر يونيو الماضي بأحد مستشفيات القاهرة، ولم يكن من عادتي الموافقة إلا في أضيق الحدود على المشاركة في إلقاء الكلمات في مختلف الحفلات لأسباب عديدة من أهمها إتاحة الفرصة للغير ممن يمكن أن يفيدوا الآخرين، ولعدم وجود المهارة العالية في الإلقاء بعد حالة مرضية تعرضت لها قبل عدة سنوات، ولكني أمام أهداف تلك الدورة ومن أهمها أنها جاءت وفاء لزميلة إعلامية في مجالنا الكشفي عملت وإياها خمسة عشر عاماً، وتقديراً للقائمين على تلك المنصة الذين حرصوا على عقد تلك الدورة واستقطاب قدرات وكفاءات إعلامية كبيرة لتقديم محتواها كان من الواجب الحتمي الموافقة على إلقاء كلمة في حفل الافتتاح عبرت فيها عن أهمية الوفاء للآخرين وكان مما قلته في كلمتي: «ما أجمل الوفاء الذي هو كنز من كنوز أخلاقنا الإسلامية، ومن صفات النفوس الأبية، ومن لوازم القلوب الصافية النقية، حيث الاعتراف بالجميل، والشكر على المعروف، لا يتسم به إلا الأصفياء من الناس، يؤكد ذلك الزملاء في منصة حدوته الإعلامية من أنه ليس كلمة تُقال، ولا سلوكاً يمكن القيام به بلا مقدمات وبلا استعداد وتهيؤ ذاتي ومعنوي، في زمن أضحى الوفاء عملة نادرة، على الرغم من أنه من أعظم الصفات الإنسانية، ومن الأخلاق الكريمة والحميدة، ومن فُقد فيه الوفاء فقد انسلخ من إنسانيته، فهو طبيعة للنفس الزكية، والروح العطرة الشذية، والقلوب الخيرة الندية»، ثم خصصت الحديث في الكلمة بأن قلت: إذا كان الناس معادن كمعادن الذهب والفضة؛ فإن خُلُق الوفاء من أقوى الدلائل على شرف المعدن وطيب الأصل، وهذه الليلة تجمعنا منصة حدوته الإعلامية لإنصاف اسم فقدناه في الأيام الماضية، غادرنا بعد أن ترك إرثاً عظيماً في الاتصال سواء الإرث البشري، أو العلمي لإيمانها طوال حياتها أن للاتصال غاية وأهمية في كل المنظمات التي تسعى إلى تحقيق أهدافها، وعرجت في كلمتي برسالة للحضور من أن كُل ذي لب يدرك أن وسائل الإعلام والاتصال في عصرنا الحديث أصبح لها أدوار رئيسة في عمليات التواصل والأخبار والتعليم والتوعية، تفتح باب المعرفة مشرعاً، باعتبارها الوسيلة الأولى التي تجاوزت الحدود بفعل التطور التكنولوجي الحديث، وبفعل انتشار تكنولوجيا المعلومات والاتصال، حتى صرنا أمام قرة واحدة لا حدود لها سوى حدود الأمية الأبجدية والمعلوماتية، وأكدت فيها إلى حاجتنا اليوم إلى إلهام جيل جديد من الشباب من الجنسين لكي يكونوا مؤهلين للاضطلاع بمسؤولياتهم الإعلامية، جيل يُدرك أن الإعلام مهنة وليس وظيفة، جيل يدرك أن المهنة هي مسؤولية على مدار الساعة لا تنتهي بانتهاء وقت الدوام، جيل يدرك أخلاقيات المهنة، جيل قادر على كسب ثقة مصادر المعلومة الصحفية، جيل يدرك أن الحصول على شهادة لدورة أو دراسة أو دبلوم ليس هو المهم، جيل يدرك أن الشهادة ليست من تمنحه لقب «إعلامي»، جيل يدرك أن ليس كل من وصف نفسه إعلامياً أن ننجر خلفه ونطبل له، فالمهم (هنا) المحتوى، وأن نفرز المنتحل للمهنة الإعلامية الشريفة، حتى نحمي إعلامنا العربي من بعض الممارسات الإعلامية التي تشوه هذا العمل النبيل الأخلاقي.
إننا اليوم ونحن نسمع بين وقت وآخر عن فقد أحد من زملاء المهنة لحري بنا أن ننهج مثل ذلك النهج الذي نهجته تلك المنصة حتى على الأقل نبحث في مناقب ذلك الزميل الراحل ليحفظها التاريخ.