فدوى بنت سعد البواردي
كان يوماً طويلاً لك في العمل.. وتركت مكتبك في وقت متأخر مساءً.. ثم قدت سيارتك وأنت تشعر بإجهاد كبير.. واتجهت إلى طريق منزلك.. وبينما أنت تفكر في الراحة وتتطلع للاسترخاء عند وصولك، تتفاجأ بسيارة مسرعة من جانبك الأيمن في الطريق، تعبر أمامك بسرعة للدخول يساراً في الشارع الصغير الذي تقترب منه. ويقود تلك السيارة المسرعة شخص لا يستخدم الإشارات الضوئية أو يلتزم بأنظمة المرور. وللأسف حين تقوم بتهدئة سرعتك بشكل مفاجئ لتتفادى الاصطدام به، تفاجأ باصطدام آخر من السيارة التي كانت تسير خلفك ولم تتوقع منك تهدئة سرعتك المفاجئ..! ثم.. تتبخر أحلامك بالراحة والاسترخاء ذلك اليوم... إن السرعة وعدم الالتزام بالإشارات الضوئية لدى بعضهم في الطرق هما سلوك أتمنى زواله.
لدى استيقاظك مبكراً للوصول إلى أحد أماكن الخدمات العامة لقضاء بعض معاملاتك الضرورية، تشعر بالسعادة لأنك أول من يصل قبل بدء موعد الدوام الفعلي للموظفين. وتقف وأنت تنتظر بتلهف وصول الموظف المسؤول لكي يبدأ بمساعدتك حتى تنتهي معاملتك، قبل ذهابك لدوامك. تمر دقائق قليلة ثم يصل مراجع آخر، ويقف ينتظر بجانبك أيضاً. تمر دقائق أخرى ثم يصل مراجع ثانٍ وثالث ورابع ثم تمتلئ قاعة الانتظار بالمراجعين. دقائق أخرى بعدها يبدأ موعد الدوام ثم يأتي الموظف ويستعد لتقديم المساعدة للمراجعين. حينها تتفاجأ باندفاع المراجعين باتجاه نافذة الموظف دون مراعاة لك ولا لأسبقية وصولك وانتظارك الطويل. ثم تجد نفسك في خيار، إما أن تتشابك وتتدافع مثلهم أو أن تنتظر بهدوء لتجد نفسك في آخر صف المراجعين. حينها تتمنى لو أنك لم تستيقظ مبكراً ذلك اليوم دون فائدة تذُكر... وقد يتكرر نفس السيناريو عند الانتظار أمام المصاعد أوعند كاونترات مطاعم الوجبات السريعة (إن عدم احترام بعضهم لأسبقية وصول الآخرين إلى بعض أماكن الخدمات العامة، والتي قد لا يوجد بها نظام أرقام تسلسلية لانتظار المراجعين، هو سلوك أتمنى زواله).
تجلس بهدوء مساءً في مقهى ومعك جهاز اللاب توب الخاص بك، تشرب قهوتك بينما تستكمل كتابة تقرير طلبت منك إدارتك أن تقوم بتسليمه لهم في الصباح التالي.. وبينما أنت مُنهمك في عملك يأتي شخص ليجلس في الطاولة القريبة منك، ثم بعد دقائق، تبدأ في سماع أصوات عالية مصدرها هاتفه الجوال، وتجد أنه قد بدأ بمشاهدة والاستماع إلى مقاطع في اليوتيوب وفي بعض برامج التواصل الاجتماعي الأخرى بصوت مرتفع دون اكتراث لمن حوله. وتتساءل في نفسك... «هل هذا الشخص يفترض أن جميع من حوله لديهم نفس الاهتمامات في ما يشاهده، ولذلك يقوم بمشاركة الجميع بها، دون أن يشعر بأن ما يقوم به فعلياً هو إزعاج من حوله..؟».. ثم تفكر كيف تتصرف... عندها تُقرر أن تُخاطبه بأسلوب مهذب وتقترح عليه بأن يرتدي سماعات للأذن أو أن يُخفض الصوت قليلاً... لتتفاجأ بردة فعل غاضبة منه قائلاً إنه يجلس في مكان عام وإذا كان لا يعجبك الوضع، فبإمكانك المغادرة..!... حينها لا تستطيع سوى طلب الحساب كاتماً الغيظ.. (إن عدم مراعاة بعضهم للذوق العام أثناء جلوسهم في الأماكن العامة هو من السلوكيات التي أتمنى زوالها).
أعتقد أنه قد يكون من المفيد التركيز بشكل كبير على موضوع دراسي في مناهج المدارس للأطفال، يُسمى «اللباقة أو ثقافة التعامل الاجتماعي» للتوعية بمثل تلك السلوكيات الصحيحة التي يجب اتباعها في الطرق والأماكن العامة، وكذلك توعية الأطفال بالسلوكيات الخاطئة غير المسؤولة لتفاديها حتى تختفي تماماً مثل تلك الظواهر من المجتمع خلال السنوات القليلة القادمة.
** **
- خبيرة تقنية وتخطيط استراتيجي