عبثًا أحاول الثباتَ وأنا أسيرُ على حبلِ الحياةِ المتأرجح ..
الصمتُ رفيقُ حياتي ..
وحدي مصدرُ الصوتِ، وتلفازي في مدينةٍ يلفُّها السكونُ المريب !
أعدُ قهوتي، وأقرأُ صحيفتي ..
أتمشَّى في باحةِ منزلي وأغني ...
أتلعثمُ .. يا إلهي حتى أغنيتي المفضلة نسيتُ كلماتها!
أخرج .. أتمشَّى في الشارعِ المقابلِ لمنزلي ..
لا أحد .. أنا وحيدةٌ في مدينةٍ كبيرةٍ ومهجورة ..!
أنادي .. أصرخُ، ولا مجيبَ سوى صدى صوتي ..
بمرورِ الوقتِ أظنني تأقلمتُ مع هذا السكونِ حتى أصبحتُ أقلَّ حركةٍ وأكثرَ هدوءً وحزناً ..
جربتُ أنْ أشغلَ نفسي بالرسم، لكنني كنتُ أضحكُ في كلِّ مرةٍ مِن رسوماتي العجيبة ..
تعلَّمتُ الطبخَ بعدَ عِدَّة محاولاتٍ فاشلة ..
قرأتُ عددًا لا يُحصى من المقالاتِ والحكايات، وحتى المسرحيات التي لم تَكُنْ تضحكني ..
استمعتُ لأغاني لم أكُنْ أُحبها .. وحفظتُ كثيرًا من القصائد النزارية ..
حديقتي التي زرعتُها بنفسي أثمرت .. قطفتُ منها العناقيدَ والتُّوتَ والليمون ..
وأخذتُ مجموعة ورود لتصنعَ يومي وتُناغي وحدتي، وأنا أكتبُ لكم هذه التفاهات !
تبّاً لي ..!
لمن أكتب؟ ومن سيقرأُ في هذا الصمت المهيب؟!
من قالَ إنَّ الوحدةَ شيءٌ جيد؟
ضحكتُ طويلًا وأنا أسألُ نفسي هذا السؤال؛ لأني كنتُ أرددُ مثلَ هذه العبارات:
«الوحدةُ جيدةٌ، متى أنعمُ بالوحدة ....»
هل اختفى العالمُ عقاباً لي ...
هل انتهى أو انتقلَ بعيداً عني ؟
كلُّ شيءٍ غامضٍ ومؤلم ..
كهذا الضوءِ الرفيعِ الذي يظهرُ لي متأرجحاً كلَّ مساءٍ ثم يختفي ..
والوجوه التي تسكنُ سقفَ غرفتي، ولا تسمحُ لي بتأمُّلها لأنها سرعان ما تختفي هي الأُخرى ..
في عالَمٍ آخر أراه في الحُلم، هناك سيدةٌ تُشبهني تبكي كثيراً؛ لأنها تشعرُ بالوحدةِ أيضاً - كما أظن -.
** **
- د. شيمة الشمري