ما أصعب الفراق وما يرافقه من ألم وحزن، خصوصاً عندما يكون المفارق قريباً إلى القلب وتراه العين دائماً، وفي كلامه وأفعاله ما يجعلك تحزن لصورة طيبة رسمت له. فلقد تلقيت نبأ وفاة جاري عبدالله بن محمد التركي، وكان صدمة لي، مع أن الموت حق وكلنا في الطريق إلى الآخرة ماشون، لكنه مفزع ومحزن، وخصوصاً إذا كان المتوفى له مواقف طيبة وأعمال جليلة تذكر من حوله به، فلقد كان لي مواقف مع جاري العزيز -رحمه الله- أبا محمد، كثيرة وكبيرة تفيض بالمحبة والصدق والنية الحسنة وروعة الإحساس، وسوف أستعرض جزءاً منها ليكون باباً للترحم عليه والدعاء له نظير أعماله الطيبة.
ففي عام 1424هـ كان لدى جمعية تحفيظ القرآن بثادق حفل تكريم حفظة كتاب الله على شرف الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير، واحتجنا إلى مكان لوضع الضيافة فيه، وكان قصر الضيافة بثادق جاهزاً لكن ينقصه المكيفات لم تركب بعد، وعلم أبو محمد رحمه الله بذلك، فقام مشكوراً بتبرع سخي لم يعلم عنه أحد، وبالمبلغ تم تأمين مكيفات تكفي لهذه المناسبة، جعل الله ما قدمه في ميزان حسناته فهو بحاجته الآن في قبره.
ومن المواقف الرائعة له قبل أن أسكن في منزلي الجديد الذي يقع بالقرب منه، استوقفني رحمه الله وعرض علي مبلغاً من المال إذا كان هو ما يمنعني عن سرعة السكن، وقال: «نبي نسعد بجيرتكم لنا بسرعة»، وهو أول من أرسل لي ضيافة جاهزة من بيته هو، رحمه الله وبارك فيه وفي زوجته وذريته.
ومن المواقف أيضاً بعد رمضان الماضي خرجنا سوياً من المسجد، وطلب مني أن أقوم بجمع الجيران وأهل الحي عنده في بيته، ويكون اجتماعاً شهرياً للحي؛ من حرصه على جيرانه والاجتماع بهم. ومن مواقفه كذلك قبل بيع استراحة والدي رحمه الله، عرضت عليه شراء الاستراحة لأنه جار لها فتعذر وعرض علي المساعدة المالية إذا رغبت أنا بشرائها.
كما أنه لا يكاد ثمر نخل مزرعته يثمر وينتج إلا وكل أسبوع يزود من حوله وجيرانه بثمرها، أسأل الله أن يأكل من ثمار الجنة وأن يغفر له ويرحمه.
مواقفه كثيرة، فنعم الجار الصالح، أسأل الله أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأن يجعل منزلته في عليين مع الأنبياء والصديقين والشهداء، وأن يجعل ما أصابه في عداد الشهداء.
رحم الله الجار الغالي وبارك الله في زوجته وأبنائه وبناته، وهم مباركون وعلى قدر عظيم من الخلق والتعامل الجميل الرائع.. نفع الله بهم وكتب لهم الخير والتوفيق.
** **
حسن بن محمد الحسن - رئيس لجنة التنمية الاجتماعية بثادق