فدوى بنت سعد البواردي
بداية.. لنستوضح ما هو «تقرير التنافسية الرقمية»..
هو تقرير صادر من المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية، ويبني هذا التقرير بياناته وفقاً لمؤشر التنافسية العالمي الصادر من المنتدى الاقتصادي العالمي، ومن البيانات الداعمة المقدمة من البنك الدولي والاتحاد الدولي للاتصالات. ويقيس هذا التقرير المنجزات والخطوات التي قامت بها المملكة العربية السعودية منذ عام 2018م وحتى عام 2020م، في مجالات المعرفة والتكنولوجيا والجاهزية للمستقبل.
وقد صُنفت المملكة العربية السعودية الثانية عالمياً بين دول مجموعة العشرين ضمن تقرير التنافسية الرقمية لعام 2021 ، وتصدرت المركز الأول رقمياً في مؤشر النظام البيئي للتحول الرقمي، والمركز الثالث في مؤشر القدرات الرقمية. ودلالات هذا الإنجاز هو أنه نتيجة للرعاية والدعم المستمرين والتوجيه والتمكين الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وإستراتيجيتها، على مدى السنوات الماضية، فمن المتوقع وصول استثمار المملكة في التقنية الصناعية الرابعة إلى 200 مليار دولار خلال السنوات القليلة القادمة.
وإنجازات المملكة الرقمية لا حصر لها، وعلى سبيل الأمثلة، نجاح المملكة في التخطيط لبناء المدينة الذكية المستقبلية نيوم والتي تعتمد بشكل كبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، وأيضاً تنفيذ مفهوم «الحكومة الذكية» من خلال اعتماد أنظمة وتطبيقات ذكية في الهيئات والمؤسسات والوزارات المختلفة. وقد نجحت وزارة العدل السعودية، كمثال، في تقليص استخدامها للأوراق بنسبة 75 % ، كما نجحت المنصات الرقمية مثل أبشر وتوكلنا في وصول أعداد مستخدميها إلى أكثر من 22 مليون مستخدم ومستفيد من خدماتها الحكومية والصحية. وأيضاً نجح قطاع الاتصالات في تغطية ما يقارب من 3 ملايين منزل بالألياف الضوئية، وغيرها الكثير من الأمثلة لإنجازات ضخمة حققتها المملكة في فترة وجيزة.
واعتماداً على جميع ما سبق ذكره، فقد تم قياس تقدم المملكة، في هذا تقرير التنافسية الرقمية، من خلال محورين. المحور الأول يتعلق «بالنظام البيئي للتحول الرقمي»، ومؤشراته من حيث تفوق المملكة في استثمار بنيتها التحتية الرقمية، وقدرتها على جذب وتسهيل تشريعات الاستثمارات الأجنبية، وفي أن تصبح الرياض مقراً إقليمياً لعدد كبير من الشركات التقنية العالمية من أجل تعزيز الشراكات الدولية والمعرفة والاقتصاد الرقمي، وكذلك دعم النظام البيئي للبحث والتطوير للشركات الناشئة، وسهولة وضمان استمرارية أداء الأعمال، وهو ما نجحت المملكة في إثباته للعالم خلال جائحة الكوفيد.
أما المحور الثاني، والذي تقدمت من خلاله المملكة كذلك، فهو يتعلق بـ»الاستعداد لتبني التحول الرقمي والابتكار»، من حيث القدرات الابتكارية الرقمية للقوى العاملة، ومدى الاستعدادات لمخاطر ريادة الأعمال، وكذلك تعزيز الأفكار الابتكارية في الشركات. وقد تم إنشاء هيئة في عام 2021م باسم «هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار» تهدف بشكل رئيسي إلى تشجيع ودعم الابتكار والتطوير والأبحاث.
ومن أهم المقومات التي ساعدت على حفاظ المملكة على قدراتها الرقمية وكذلك إحراز التطورات المتسارعة في المؤشرات العالمية، هو وجود إستراتيجيات فعالة، بأهداف واضحة ومبادرات تطرح وتُنفذ على أرض الواقع، تماشياً مع رؤية 2030 ، من خلال شباب وشابات طموحين يعملون من أجل المساهمة في بناء الوطن.
كما أن هذه الإستراتيجيات الرقمية ساهمت في حفاظ المملكة على قدراتها الرقمية من خلال القدرة على تعزيز بنيتها التحتية الرقمية، واستخدام علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، وأيضاً من خلال إنشاء هيئة الحكومة الرقمية لتعزيز الخدمات الإلكترونية بين المواطنين والحكومة وقطاع الأعمال، وإقامة المؤتمرات والفعاليات والمنتديات الدولية، والتي أسهمت بشكل كثير في إحراز جميع تلك التطورات والإنجازات الكبيرة.
** **
- خبيرة تقنية وتخطيط إستراتيجي