د.معراج أحمد معراج الندوي
تزايد أعداد الأفغان الفارين خوفًا من حركة طالبان التي توسع سيطرتها يوماً بعد يوم منذ الانسحاب الأمريكي، حيث كان يغادر حوالي 30 ألف أفغاني بلادهم أسبوعياً، بينما يضطر آخرون إلى النزوح الداخلي، فيما يمكن وصفه بالفرار الكبير.
إن حوالي 330 ألف أفغاني نزحوا من ديارهم، وأكثر من نصفهم هربوا بعد بدء انسحاب القوات الأمريكية في مايو الماضي. لقد هاجر الكثيرون من قراهم ليقيموا لدى أقاربهم في المدن التي تعد آخر القلاع التي تسيطر عليها الحكومة الأفغانية في العديد من المقاطعات، بينما يحاول الآلاف الحصول على جوازات سفر وتأشيرات لمغادرة البلاد، كما لجأ آخرون إلى ركوب شاحنات المهربين للتسلل عبر الحدود بشكل غير شرعي.
عندما احتشد آلاف الأشخاص يائسين في مطار كابول لمحاولة الهرب وسط حال من الفوضى العارمة، أوقعت العديد من القتلى وشلت حركة الطيران، منذ غداة سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية. وانتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل تظهر مشاهد فوضى عارمة في المطار حيث كان يحتشد الآلاف على المدرج نفسه فيما تتمسك مجموعات من الشباب بسلالم الصعود إلى الطائرات.
وتشهد البلاد حالياً فصلاً دموياً جديداً، لكنه يأتي في ظل تشديد الإجراءات عبر العالم ضد المهاجرين خاصة في ظل المحاذير بسبب جائحة كورونا التي جعلت الهجرة أكثر صعوبة ولكن الرئيس الأفغاني أشرف غني ترك شعبه على حالته واختار الفرار من كابول.
لقد شهدت أفغانستان موجة من الهجرة الجماعية بعد الغزو السوفييتي لها في عام 1979، وبعد عقد من ذلك، فر المزيد من الأفغان مع الانسحاب السوفييتي من البلاد، لتسقط في أتون حرب أهلية، واستمر تدفق الهجرة حتى مع سيطرة طالبان على مقاليد السلطة عام 1996م.
بدأت حركة طالبان التحرك لتكسب كل يوم موقعًا جديدًا على الأرض، وهو الأمر الذي أثار تشاؤم وخوف في أذهان الأفغان الذين يرون في الحركة ردة إلى الوراء وعدم امتلاكها مشروعًا لتنمية البلاد.
انتصرت حركة طالبان ودخلت القصر الرئاسي، حالة من الذعر شهدها مطار العاصمة، نقطة الخروج الوحيدة من البلاد إلى حيث تهافتت حشود لمحاولة الفرار من النظام الجديد الذي تعهدت الحركة الإسلامية بإقامته، ولو أن الحركة أبلغت مقاتليها أنه لا يُسمح لأحد بالدخول إلى أي منزل من دون إذن، كما بدأت الحركة جمع الأسلحة من المدنيين. وقال مسؤول لـ»رويترز»: «نتفهم أن الناس احتفظوا بالأسلحة من أجل السلامة الشخصية، والآن يمكنهم الشعور بالأمان. وقال الملا عبد الغني برادر، أحد مؤسسي الحركة معلقًا على انتصارها قائلاً: «الآن يجب علينا أن نقوم بخدمة شعبنا وضمان السلام».
** **
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية ،كولكاتا - الهند