د.عبدالعزيز الجار الله
هل تخرج أمريكا من عزلة 2001 وتستأنف عام 2021، بمعنى تتخلص من دوائر 11 سبتمبر الذي يوافق هذا الشهر من كل عام، عندما شنت منظمة القاعدة هجوماً إرهابياً على أمريكا وبتخطيط ومساعدة من إيران ليتم بعدها احتلال أفغانستان عام 2001م واحتلال العراق 2003م، ثم تدمير واحتلال أفغانستان لمدة 20 سنة والانسحاب منها هذا العام 2021، وأيضاً احتلال وتدمير العراق لمدة 8 سنوات والانسحاب على مراحل عام 2011 م، ونتج عن الاحتلالين قتل الملايين من الأفغان والعراقيين وتشريدهما، وتلا ذلك تسليم أفغانستان إلى طالبان بعد عشرين سنة احتلال، وتسليم العراق على طبق من ذهب إلى إيران، دون مكاسب واضحة لأمريكا لا في كابول ولا في بغداد.
لقد تم إشغال أمريكا بالحربين في الشرق الأوسط ووسط آسيا، واستفاد من غياب أمريكا عددٌ من الدول، حيث انشغلت واشنطن بالحروب واحتلال دول متباعدة لسنوات، ومن هذه الدول التي استفادت من غياب واشنطن وأيضاً خرجت بمكاسب كبيرة: روسيا والصين وبعض دول الاتحاد الأوروبي.
كسرت أمريكا تحت مظلة حرب الإرهاب الكثير من الدول وهددتها بالحروب والمقاطعة، فقد تم اتهام الدول الإسلامية والعربية وعزلت ووضعت في دائرة الخطر، من جانب آخر صرف على التسليح الأمريكي تريليونات الدولارات، صرفت على احتلال البلدين دون طائل، فانشغلت واشنطن في الحرب وملاحقة الجماعات الإرهابية حتى لا تكرر 11 سبتمبر، فعاشت أمريكا بالتاريخ والماضي وهاجس عودة الإرهاب لأراضيها، أما روسيا وإن كان سلاحها الجوي دخل الحرب السورية، والصين وبعض دول العالم استغلوا هذه المرحلة تم تركيزهم على التنمية والاقتصاد والبناء التجاري والمعماري، وتطوير وبيع الأسلحة، وبناء العلاقات التجارية والاستثمار وتبادل الخبرات والتوسع في الاستشارات والشراكات.
لذا استيقظت أمريكا متأخرة بعد أن توسعت من حولها القضايا الصعبة، وشعرت أنها تحاكم التاريخ، وأن قضية 11سبتمبر مصيدة تاريخية وصفحة يجب أن لا تكون على حساب الحروب القادمة والصراعات الجديدة في أوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط، وأن لا تبقى حبيسة كابول وقلق عودة طالبان، التي زادت من أوجاعها، إضافة إلى أزمة كورونا التي حصدت الأرواح في جميع الولايات، كذلك الخسارة المالية للقطاعات والسكان بسبب انهيار الاقتصاد العالمي بفعل كورونا وما جرَّ معه من أزمات خلال السنتين الماضيتين.