أحمد المغلوث
كل منا يوماً ما سوف يموت واختلفت الأسباب والموت واحد والمعذرة لهذه البداية الكئيبة ولكن أن يتسبب «الضحك» في موت البعض فهذا أمر مثير للدهشة والعجب. وكان الرسام «زيوكسيس» اليوناني الذي برع كثيراً في رسم لوحاته التي كانت معروفة بوثائقيتها وقيتها ودقتها وموضوعاتها التي جسدت الحياة الأسرية والاجتماعية في مجتمعه اليوناني. وكان متميزاً بقدرته على التلاعب بالضوء والظل. ومع هذا يسجل التاريخ عن هذا الفنان المبدع أنه مات من الضحك. كيف حدث هذا ما سوف أشير إليه هنا في هذه الزاوية.. فلقد حدث أن قام برسم لوحة لامرأة عجوز حاول خلالها أن يرسم أثر السنين في ملامحها وجلستها وجاءت اللوحة صادقة ومعبرة إلى حد أن أقل الغضون والتجاعيد بدت واضحة وجلية بصورة مدهشة. وعندما انتهي من رسمها وجعلها أمامه راح يتأملها فانفجر ضاحكاً واستمر يضحك حتى مات.. أما الفيلسوف «خريسيوس» فقام بمقلب ضاحك في حماره عندما سقاه خمراً فلم يتحمل الحمار فثمل وترنح وظل يضحك على المشهد بصورة هستيرية خريسيوسيه مقلداً حركات الحمار وبشكل هستيري مما أدى لاختناقه فمات. ومن أطرف الحكايات والقصص الأخرى التي ما زالت في الذاكرة الفاكرة. حكاية حاكم سيلاني من حكام سيلان فيما مضى من زمن وكان يعتبر آخر حاكم في سيلان من أسرة «فيجايان» واسمه «باسالاليك». كان يحب الضحك والمزاح. وعمل المقالب الهزلية بهدف التسلية. وشاهد يوما أحد البوابين في قصره واسمه سيها وكان يشبهه لحد كبير. يصعب معه التفريق بينهما فاستخدمه في مزاحه وبخاصة في مراقبة أفراد مجتمعه وتفقد أحوال الناس في الأسواق والأماكن العامة أو زيارة أماكن قد لا تناسب مقامه كحاكم له تقديره واعتباره. وكان إذا أراد زيارة بيت أو مكان عام يطلب من البواب أن يحل محله ويقوم باستعارة ملابسه ويرتديها ويذهب حيث يشاء بدون خجل أو حياء. وكانت هذه الأفعال تجلب له السرور والسعادة على نفسه خاصة وهو يشاهد الجميع يؤدون له التحية والانحناء بل وتقبيل يديه عند مروره أمامهم. وحدث ذات يوم أن طلب من البواب أن يستعير ملابسه وأن يجلس مكانه في كرسي الحكم. وما أن رأى رجال حاشيته يحنون رؤوسهم له ويخاطبونه بألقاب الملك حتى انفجر ضاحكاً في المجلس نفسه. وفوجئ حينئذ بالبواب يأمر بالقبض عليه وقتله وعبثا حاول أن يؤكد لهم أنه الحاكم الحقيقي. ولكنه فشل فقتل بالفعل. ومن السخرية أن البواب حكم البلاد سنوات عديدة. هذا ويؤكد الطباء وعلماء السلوك البشري أن: الأخبار السعيدة والمواقف الضاحكة قد تسبب لبعض الأشخاص وفاة مفاجأة. فقد حدث أن توفي البعض نتيجة لفرح سار أو نتيجة لفوزه بجائزة أو حتى خلال لحظات سعيدة وحميمة جداً.. فالابتهاج الزائد عن حده ينقلب لضده كما يقال منذ القدم..